للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجوع عند تعذر أو تعسُّر الاستيفاء، أنه لا يرجع، لأنه رضى بإحالة حقه من ذمة إلى ذمة يعلم مصيره فيها، فهو شبيه بما لو اشترى مبيعاً معيباً يعلم عيبه.

وإن لم يكن راضياً بالحوالة على المعسر ونحوه، أو كان راضيا بالحوالة عليه، لكن يجهل عسره ونحوه أو غرر فيه، شرط الرجوع عند تعذر الاستيفاء، أو تعسره، فالحق أن له الرجوع، لأن عسر المحال عليه عيب لم يعلم به ولم يرض به، فله الرجوع، كما أن له الرجوع عند الشرط لأن المسلمين على شروطهم، والله أعلم.

بَابُ مَنْ وَجَد سلْعَته عند رجل قد أفلس

الحديث الأول

عَنْ أَبي هُرَيْرة رَضِىَ الله عَنْة قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم [أَوْ قَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول] : منْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِه عِندَ رَجُلٍ- أَوْ إنْسَانٍ - قَدْ أَفْلَس فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ ".

المعنى الإجمالي:

من باع متاعه لأحد، أو أودعه، أو أقرضه إياه ونحوه، فأفلس المشترىَ ونحوه، بأن كان ماله لا يفي بديونه، فله أن يأخذ متاعه إذا وجد عينه، بأن كان بحاله لم تتغير فيها صفاته بما يخرجه عن اسمه، ولى يقبض من ثمنه شيئا، ولم يتعلق به حق أحد من مشتر، أو مُتَّهب (١) . أو رهن، أو شفعة أو غير ذلك من عقود المعاوضات.

فحينئذ يكون أحق به من الغرماء المتحاصي (٢) المال، لأنه وجد متاعه بعينه فلا ينازعه فيه أحد.

فإن كان المبيع ونحوه قد تغير بما يخرجه عن اسمه ومسماه، أو كان البائع قد قبض ثمنه أو بعضه، أو قد تصرف فيه المفلس بما تعلق به حق أحد، فلصاحب المتاع- حينئذ أسوة بالغرماء.

ما يستفاد من الحديث:

١- أن من وجد متاعه عند أحد قد أفلس فله الرجوع فيه بشروط أخذها العلماء من الأحاديث، وأخذوا بعضها من فهمهم لمراد الشارع الحكيم. قال ابن دقيق العيد: دلالته قوية.


(١) متهب: اسم فاعل من الهبة، ويريد الموهوب له.
(٢) المتحاصي المال: الغرماء المقتسمون لحصص المال، والمال مفعول به وقد أضيف إلى " المتحاصي " إضافة لفظية.

<<  <   >  >>