للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ أفضَل الصِّيامِ وَغَيرِه

الحديث الأول

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عَنْهُمَا قال: نَهَى رَسُولُ الله عَن الْوِصَالِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ

الله إنَكَ تُوَاصِلُ.

قال: "إنِّي لَسْتُ كهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى".

ورواه أبو هريرة، وعائشة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم.

ولـ"مسلم" عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عَنْهُ: " فأَيُّكُمْ أرادَ أَنْ يُواصِلَ فَلْيُوَاصِل

إلَى السَّحَرِ (١) "

المعنى الإجمالي:

الشريعة الإسلامية سمحة مُيَسَّرة لا عَنَتَ فيها ولا مشقة.

ومشرعها الحكيم، يكره الغٌلُوُّ والتعمق، لأن في ذلك تعذيباً للنفس وإرهاقاً لها، واللَه لا يكلف نفساً إلا وسعها.

ولأن التيسر والتسهيل أبقى للعمل وأسلم من السأم والملل، وفيه العدل الذي وضعه الله في الأرض، وهو إعطاء الله ما طلبه من العبادة، وإعطاء النفس حاجتها من مقوماتها.

لهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصيام، وهو ترك ما يفطر بالنهار عمداً، في ليالي الصيام.

وكان صلى الله عليه وسلم ـ لما أعطاه الله ما لم يعطه غيره – يواصل الصيام.

فقال الصحابة: إنك تواصل، ولنا فيك قدوة. وذلك قبل أن يعلمهم بميزته عليهم.

فقال: إني لست مثلكم، لأني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، وليس لكم هذا، فتقوون على الوصال.

وما دمتم راغبين في الوصال، فمن وجد من نفسه قوة عليه، ورغبة فيه فَلْيُوَاصِلْ إلى السحر، لأنه تأخير لعشائه، فيكون طعامه في ليالي الصيام وجْبَة واحدة، ومن حِكَمْ الصيام، التخفف من الطعام.

اختلاف العلماء:

اختلفوا في الطعام والشراب المذكورين على قولين:

أحدهما: - أنه طعام وشراب حسِّيٌ تمسُّكاً باللفظ.


(١) حديث أبي سعيد من أفراد البخاري، ووهم المصنف حيث نسبه إلى مسلم كما نبه عليه "عبد الحق" و"المجد" و"الحافظ". وأحاديث كل من ابن عمر، وأبي هريرة، وعائشة في الصحيحين.
رواه الشيخان والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر.

<<  <   >  >>