للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد ذكرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى من المرض فصلى جالساً وكان الصحابة يظنون أن عليهم القيام لقدرتهم عليه، فصلوا وراءه قياما فأشار إليهم، أن اجلسوا.

فلما انصرف من الصلاة أرشدهم إلى أن الإمام لا يخالف، وإنما يوافق لتحقق المتابعة التامة والاقتداء الكامل، بحيث يصلى المأموم جالساً مع قدرته على القيام لجلوس إمامه العاجز.

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في صحة ائتمام المفترض بالمتنفل.

فذهب المالكية والحنفية، والمشهور من مذهب الحنابلة: إلى عدم الصحة، مستدلين بهذا الحديث الذي معنا "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ".

وكون المأموم مفترضاً والإمام متنفلا مخالفة بينهما في النية. وهو من أشد أنواع الاختلاف ولأن مدار العمل على النية.

وذهب الشافعي، والأوزاعى، والطبري إلى صحة ائتمام المفترض بالمتنفل، وهى رواية أخرى عن الإِمام أحمد، اختارها من أصحابه: ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم مستدلينِ بحديث معاذ المتفق عليه: " كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيصلى بقومه تلك الصلاة".

ويستدلون أيضاً: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه في صلاة الخوف ركعتين، ثم سلًم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، ثم سلم " رواه أبو داود.

والنبي عليه الصلاة والسلام -في الصلاة- الثانية متنفل.

ومعنى " فلا تختلفوا عليه " أي في أفعال الصلاة.

والقائلون بصحة الصلاة، يلزمون غير المصححين لها بأن يقولوا: أنتم أيضاً تصححون صلاة المفترض بالمتنفل مع اختلافهما في النية، كالتي تمنعونها، فيلزمكم التناقض في الاستدلال.

واختلفوا أيضاً في صلاة المأمومين جلوسا مع القدرة على القيام خلف الإمام العاجز عن القيام.

فذهبت الظاهرية، والأوزاعيٍ، وإسحاق، إلى أن المأمومين يصلون خلف الإمام العاجز عن القيام جلوسا، ولو كانوا قادرين على القيام.

واستدلوا على ذلك بهذين الحديثين، وما ورد في

<<  <   >  >>