للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلاف العلماء:

هناك أحاديث صحيحة تصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالطول، بحيث يكبر، فيذهب الذاهب إلى البقيع، ويقضى حاجته، ثم يرجع ويتوضأ يدرك الركعة الأولى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبأنه يقرأ في الصلاة المكتوبة بطوال السور، كالبقرة، والنساء، والأعراف، ويقرأ بطوال المفصل "ق " والطور ونحوهما.

وهناك أحاديث صحيحة تحث على التخفيف، منها هذان الحديثان اللذان معنا وأنه يقرأ بـ (قل يا أيها الكافرون) و (الإخلاص) ونحو ذلك.

والناس- تبعاً لهذه الأدلة- مختلفون.

فمنهم من يرى التطويل، عملا بهذه الأحاديث، ومنهم من يرى التخفيف عملاً بما ورد فيها.

والحق، أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض ولله الحمد، وكلها متفقة. ولكن التخفيف والتَّطْوِيل أمران نسبيان، لا يُحَدَّان بِحدّ، لأن الناس في ذلك على بَوْنٍ بعيد.

فالناقرون يرون الصلاة المتوسطة طويلة وأهل العبادة والطاعة يرونها قصيرة.

فليرجع إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وإلى حال صلاته، ويطبق بعضها على بعض، يظهر الحق الفاصل. وقد ذكر الصنعاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاته لعلمه بحال المؤتمين به، وأن الأمر بتخفيف الصلاة خاص بالأمة.

ما يؤخذ من الحديثين:

١- وجوب تخفيف صلاة الجماعة مع الإئتمام.

٢- غضبه صلى الله عليه وسلم على المثقلين، وعدُّه هذا من الفتنة.

٣- جواز تطويل صلاة المنفرد ما شاء، وقيد بأن لا يخرج الوقت وهو في الصلاة. وذلك كيلا تصطدم مصلحة المبالغة بالتطويل من أجل كمال الصلاة مع مفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها.

٤- وجوب مراعاة العاجزين وأصحاب الحاجات في الصلاة.

٥- أنه لا بأس بإطالة الصلاة، إذا كان عدد المأمومين ينحصر وآثروا التطويل.

٦- أنه ينبغي للإنسان أن يسهل على الناس طريق الخير، ويحببه إليهم، ويرغبهم فيه، لأن هذا من التأليف، ومن الدعاية الحسنة إلى الإسلام.

<<  <   >  >>