للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء: ليس للإبراد في الشريعة تحديد، وبين الصنعاني أن الأقَرب في الاستدلال على بيان مقدارها ما أخرجه الشيخان من حديث أبي ذر قال: " كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال: أبرد؟ ثم أراد أن يؤذن، فقال له أبرد، حتى رأينا فيء التلول " فهو يرشد إلى قدر الإبراد وأنه ظهور الفيء للجدران ونحوها.

٢- أن الحكمة في ذلك، هو طلب راحة المصلى، ليكون أحضر لقلبه وأبعد له عن القلق.

٣- أن الحكم يدور مع علته، فمتى وجد الحر في بلد، وجدت فضيلة التأخير.

وأما البلاد الباردة- فلفقدها هذه العلة- لا يستحب تأخير الصلاة فيها.

٤- ظاهر الحديث، والمفهوم من الحكمة في هذا التأخير، أن الحكم عام في حق من يؤدى الصلاة جماعة فِي المسجد، ومن يؤديها منفرداً في البيت، لأنهم يشتركون في حصول القلق من الحر.

٥- أنه يشرع للمصلى أن يؤدي الصلاة بعيدا عن كل شاغل عنها ومُلْهٍ فيها.

فائدة:

قال شيخنا "عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي" عند كلام له على هذا الحديث:

ولا منافاة بين هذا وبين الأسباب المحسوسة، فإنها كلها من أسباب الحر والبرد كما في الكسوف وغيره.

فينبغي للإنسان أن يثبت الأسباب. الغيبية التي ذكرها الشارع، ويؤمن بها ويثبت الأسباب المشاهدة المحسوسة.

فمن كذب أحدهما، فقد أخطأ.

الحديث الثاني

عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: كنا نُصَلي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في شِدّةِ الْحَرِّ، فإذا لَمْ يَسْتَطِعْ أحَدُنَا أنْ يُمَكِّنَ جبهتَهُ مِنَ الأرْض بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ.

المعنى الإجمالي:

كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى بأصحابه صلاة الظهر من أيام الحر، وحرارة الأرض ما

<<  <   >  >>