للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الثالث

عَنْ سُمَىّ مَولى أبى بَكر عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الحارثِ بْنِ هِشَامِ عَنْ أبى صَالِح السَّمّانِ عَنْ أبي هُرَيرةَ رَضِىَ الله عَنْهُ أنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرينَ أتُوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله ذَهَبَ أهْلُ الدُّثور (١) بالدَّرَجَاتِ الْعُلى، و َالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ.

قَالَ: وَمَا ذَاَكَ؟ قَالُوا: يُصَلّونَ كَما نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ ولا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَفَلاَ أعَلِّمُكمْ شَيْئَاً تُدْركونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكْم وَتَسْبِقُونَ مَن بَعْدَكُمْ وَلاَ يَكُونُ أحَد أفضَلَ مِنْكُمْ إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعتُمْ؟ " قَالوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله.

قال: " تُسَبِّحُونَ وَتُكِّبرونَ، وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ (٢) كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّة ".

قال أبو صالح: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إلَى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالوا: يَا رَسُولَ الله، سَمِعَ إخْوَانُنَا (٣) أهْل الأمْوَالِ بِماَ فَعَلنَا فَفَعَلوا مِثْلَهُ. -.

فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ".

قَالَ سُمَىّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أهْلِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: وَهَمْتَ إِنَّمَا قَالَ: تُسبِّحُ الله ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرُ الله ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ وَتَحْمَدُ الله ثَلاَثاً وَثلاَثِينَ.

فَرَجَعْت إٍلى أبي صَالِح فَذَكَرتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْ: "الله أكْبَرُ وَسُبْحَان الله والْحَمدُ لله، حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلاَثَاً وَثَلاثِينَ " رواه مسلم.

المعنى الإجمالي:

معنى هذا الحديث الجليل هو أن فقراء الصحابة رضى الله عنهم، شعروا بسبق إخوانهم الأغنياء بالأعمال الصالحة، بفضل قيامهم بحقوق أموالهم الشرعية فغبطوهم وتَمَنَوا لو كان لهم من العمل مثل مالأولئك الأغنياء.

فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون مصيبتهم في فقد الأجر، فأرشدهم إلى هذا الذكر، الذي ينالون به أكثر مما فاتهم من العبادات المالية.

لما قاموا- بهذا الذكر، سمعهم الأغنياء ففعلوا مثلهم.

فجاء الفقراء مرة أخرى، يشكون حالهم، بأن الفضيلة التي اختصوا بها وأرادوا أن يعوّضوا بها نقص العبادات المالية فعلها الأغنياء، فأصبحوا يشاركونهم في العبادات القلبية والبدنية، ويمتازون عليهم في العبادات المالية.


(١) الدثور: - جمع " دثر" وهو المال الكثير.
(٢) دبر: ظرف، وثلاثا مصدر. وقد تنازعهما كلمن " تسبحون " و " تكبرون " وتحمدون ".
(٣) من قوله: قال أبو صالح إلى آخر الحديث، لم يذكره البخاري، وقد روى " مسلم " هذه الزيادة مرسلة لم يسندها أبو صالح. لكن جاءت متصلة في " مسلم " مع سائر الحديث من وجه آخر.

<<  <   >  >>