للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك المرض، فقد روى " مسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم " جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر " وفي رواية " من غير خوف ولا سفر ". وليس هناك إلا المرض. وقد جوزه كثير من العلماء، منهم مالك وأحمد وإسحاق والحسن. وقال به جماعة من الشافعية فمنهم الخطابي، واختاره النووي في صحيح مسلم، وذكر ابن تيمية أن الإمام أحمد نص على جواز الجمع للحرج وللشغل بحديث روى في ذلك.

وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة، وهو نوع من المرض.

الفائدة الثانية:

أن السفر الذي يباح فيه الجمع، قد اختلف العلماء في تحديده. فجعله الإمامان، الشافعى، وأحمد، يومين قاصدين، يعنى ستة عشر فرسخاً (١) .

واختار الشيخ تقي الدين أن كل ما يسمى سفرا، طال أو قصر، أبيح فيه الجمع، وأنه لا يتقدر بمدة، وقال: إن نصوص الكتاب والسنة ليس فيها تفريق بين سفر طويل وسفر قصير، فمن فرق بين هذا وهذا فقد فرق بين ماجمع الله بينه فرقاً لا أصل له. وما ذهب إليه شيخ الإسلام هو مذهب الظاهرية. ونصره صاحب المغنى.

وقال " ابن القيم " في " الهدى ": " وأما مايروي عنه من التحديد باليوم.

أو اليومين، أو الثلاثة، فلم يصح عنه منها شيء البتة ".

الفائدة الثالثة:

عند جمهور العلماء، أن ترك الجمع أفضل من الجمع، إلا في جَمْعَيْ عرفة ومزدلفة، لما في ذلك من المصلحة.

ما يؤخذ من الحديث:

١- جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء.

٢- عموم الحديث يفيد جواز جمع التقديم والتأخير، بين الصلاتين، وقد دلت عليه الأدلة كما تقدم.

- ظاهره أنه خاص بما إذا جدَّ به السَّيْر، وتقدم الخلاف في ذلك وأدلة العلماء فيه. قال ابن دقيق العيد: والحديث يدل على الجمع إذا كان على ظهر سير، ولولا ورود غيره من الأحاديث بالجمع في غير هذه الحالة لكان الدليل يقتضي امتناع الجمع في غيره، فجواز الجمع في هذا الحديث قد علق بصفة لم


(١) الفرسخ أربعة أميال و " الميل " كيلو ونصف كيلو متر. فتكون مسافة القصر بالفرسخ ستة عشر، وبالأميال أربعة وستين ميلا، وبـ" الكيلو " ستة وتسعين كيلو متراً "

<<  <   >  >>