للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في غسل الجمعة.

فذهب الظاهرية إلى أنه واجب، مستدلين بحديث " غُسْلُ يوم الجُمعُةَ وَاجِب عَلَى كُلِّ مُحْتَلِم " متفق عليه.

وذهب الجمهور إلى استحبابه، وأنه غير واجب، مستدلين بحديث الحسن،

عن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " مَنْ تَوَضَّأ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَن اغتَسَلَ فالغُسلُ أفضَلُ " رواه الخمسة. قال ابن دقيق العيد: ولايقاوم سند هذا الحديث الأحاديث الموجبة، وإن كان المشهور في سنده صحيحاً.

وأجابوا عن الحديث الذي استدل به الظاهرية، بأنه يفيد تأكيد السنية.

وأن معنى " الواجب " في الحديث، الحق، كما يقول أحد لأحد: لك عليّ حق واجب.

أو أن ذلك في أول الإسلام، يوم كان الصحابة يلبسون الثياب الثقيلة الخشنة، ويعرقون، فتظهر منهم الرائحة الكريهة.

فلما وسع الله عليهم، ولبسوا خفيف الثياب، نسخ الحكم من الوجوب إلى الاستحباب. أخرج أبو عوانة عن ابن عمر: كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب متغيرة، فشكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل ".

والحق أن هذه أجوبة غير ناهضة لتأويل الحديث عن ظاهره.

ولذا قال " ابن القيم " في " الهدى ": " ووجوبه أقوى من وجوب الوتر، وقراءة البسملة في الصلاة، ووجوب الوضوء من مس النساء ومس الذَّكَر. ووجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير". أهـ.

وقال شيخ الإسلام " ابن تيمية ": " ويجب الغسل على من له عرق، أو له ريح يتأذى به غيره " وقال البغوي في شرح السنة: اختلف العلماء في وجوب غسل الجمعة مع اتفاقهم على أن الصلاة جائزة من غير غسل.

فالأولى لمن ذهب إلى الجمعة أن لايدع الغسل، لأنه قد اتفق على مشروعيته وأدلة وجوبه قوية، والاحتياط أحسن وأولى. قال الصنعاني: وهؤلاء (أي الذين أولوا الحديث) داروا مع المعنى وأغفلوا المحافظة على التعبد. وذكر أن الجمع بين المعنى والتعبد متعين.

<<  <   >  >>