للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحذّر المطيعُ العاصيَ، وكل هذه المعاني الروحية لا تنافي وجود الأسباب المادية العادية. وقد تقدم شرح ذلك.

الحديث الثالث

عَنْ عَائِشةَ رَضي الله عَنْهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشمسُ عَلَى عَهدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَامَ فَصَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس فَأطَالَ القِيَام، ثُمَّ رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأطَالَ القيَامَ وَهو دُونَ القِيَام الأوَّلِ، ثم رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكوعَ وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُم سَجَدَ فَأطَالَ السُّجُودَ، ثم فَعَلَ في الركعَةِ الأخْرَى مِثْل مَا فَعَل في الركْعَةِ الأولى، ثُمَّ انصرَفَ وَقَدْ انجَلتِ الشَّمْسُ، فَخَطبَ الناسَ فَحَمِدَ الله وأثنَى عَليهِ ثم قالَ:

" إن الشَّمس والقَمَر آيتانِ مِنْ آيَاتِ الله لاَ تنْخَسِفَانِ لِمَوتِ أحد. وَلاَ لِحَيَاتِهِ. فَإذَا رَأيتمْ ذلك فَادعُوا الله وَكبروا وَصَلُّوا وَتَصَدَّ قوا".

ثم قال: " يَا أمةَ مُحمَّد ": والله مَا مِنْ أحَد أغَْيَرُ مِنَ الله سُبْحَانَهُ من أن يَزْنَي عَبْدُهُ أوْ تَزني أمَتُهُ. يَا أمةَ مُحَمد، وَالله لو تَعْلمُونَ مَا أعلم لضَحكْتُمْ قَليلاً وَلَبَكَيتم كثِيراً ".

وفي لفظ: فَاستكْمَلَ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأرْبَع سَجَدات.

الغريب:

أغير: يجوز فيه الرفع على أن (ما) تميمية، والنصب على جعلها حجازية. وهو الأولى.

و (من) زائدة مؤكدة في الوجهين.

و" أغير" أفعل تفضيل من " الغيرة "- بالفتح- وهى في الأصل، تغير يحصل من الحمية والأنفة، ونثبتها لله إثباتاً يليق بجلاله.

المعنى الإجمالي:

خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام فصلى بالناس فأطال القيام، بحيث قدر بقراءة سورة " البقرة " ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فقال: " سمع الله لمن حمده، رَبنا ولك الحمد" فقرأ قراءة طويلة دون القراءة الأولى.

ثم ركع فأطال الركوع، وهو أخف من الركوع الأول ثم سمَّع وحمَّد، ثم سجد وأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثالثة مثل الأولى، حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات، ثم انصرف من الصلاة، وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه.

وحدث أن صادف ذلك اليوم الذي حصل فيه الخسوف موت ابنه " إبراهيم " فقال بعضهم: كسفت لموت إبراهيم، جرياً على عادتهم في الجاهلية من أنها لا تكسف

<<  <   >  >>