الزكاة في نصوص كثيرة، وتوعد على ذلك بالعذاب الشديد، فمن ذلك قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، يطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} .
وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع، يطوقه يوم القيامة ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك ".
الحديث الأول
عَنْ عَبْدِ الله بن عباس رَضيَ الله عَنْهمَا قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لمُعَاذِ بن جَبَل حِينَ بَعَثَهُ إلى اليمَنِ:
" إنك ستأتي قوْما أهل الكتاب، فَإذَا جئتهم فادعُهم إِلى أنْ يشهدوا أنْ لاَ إله إلا الله وَأن محمدا رسولُ الله ".
فَإن هُم أطَاعُوا لَكَ بِذلِكَ فأخْبِرْهُم أن الله قد فَرَض عَلَيهم خمس صَلَوَاتٍ في كل يَوم وليلة.
فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لَكَ بِذلك، فَأخبِرهُمْ أن الله قَدْ فَرَضَ عَليهم صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغنِيَاِئهمْ فترَدُّ عَلَى فُقَرَائِهمْ.
فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لَكَ بِذَلكَ، فَإيَّاكَ وكرَائمَ أمْوَالِهم.
وَاتقِ دَعْوَةَ المَظْلُوم، فَإنهُ لَيْسَ بينهَا وَبينَ الله حِجَابٌ".
المعنى الإجمالي:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم " معاذ بن جبل " رضى الله عنه إلى اليمن، داعياً ومعلما، وقاضياً، فبين له صلى الله عليه وسلم صفة الدعوة والحكمة الرشيدة.
فأخبره- أولا- عن حال من سيقدم عليهم، لأن لكل أناس خطابا يلائمهم.
فأخبره أنهم أهل الكتاب، عندهم علم وحجج يجادلون بها، ليأخذ لهم الأهبة.
ثم أمره أن يدعوهم بالأهم فالأهم.
فأهم شيء، الشهادتان، لأنهما الأساس، الذي لا يقوم بناء بدونه.
فلا تصح العبادات إن لم يوجد الإقرار قلباً وقالبا بهما.
ثم أمره إذا أطاعوه بهما، أن يدعوهم إلى أهم العبادات وهى الصلوات الخمس المكتوبة.
ثم يبين لهم- بعد التزام الصلاة- فريضة، "الزكاة " التي هي قرينة الصلاة، وهي العبادة المالية بعد العبادة البدنية، وأن القصد منها، المواساة بين المسلمين، ولذا فإنها تؤخذ من الأغنياء، فترد على الفقراء.
ثم يبين له مالهم من حق الإنصاف والعدل. بعد التزامهم بأداء الزكاة.
وهي أن لا يأخذ الزكاة من الكرام الطيبات، بل يأخذ من الوسط، لأن مبناها على المواساة.