للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطمئن قلوبهم، ويشرح صدورهم، ويعلن على الناس فضائلهم ومناقبهم الكريمة، لِمَا لهم من فضل السَّبْقِ بالإيمان والإيواء والنصرة لرسول الله ودين الله فقال:

لولا الهجرة لكنتُ امْرَأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا أو شعْبا، لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار بالنسبة للرسول والدين، والناس من ورائهم، دثار، فهم أولى به.

وبهذه الموعظة البليغة، والشرف العظيم، الذي نوّه به في حق الأنصار، علموا وعلم غيرهم من الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرمهم من الغنائم ويُعطهَا من هو دونهم إيمانا وسابقة وفضلا، إلا اتكالا على ماوقر في قلوبهم من الإيمان الراسخ، وإيثار الآخرة على الدنيا.

ثم ذكر علامة من علامات النبوة، وهي أنه سيستأثر بالدنيا عليهم غيرهم، فلا يهيجهم ذلك، ويثير حفائظ نفوسهم، فإن متاع الدنيا قليل وليصبروا حتى يلاقوه على الحوض، فإن الصبر الجميل من أسباب وروده مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد تحققت هذه المعجزة النبوية بعد انتهاء عهد الراشدين.

اللهم ألحقنا بهم ووالدينا ومشايخنا وأقاربنا والمسلمين. برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.

ما يؤخذ من الحديث:

١- إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنيمة، بحسب رأى الإمام واجتهاده.

٢- جواز حرمان من وثق بدينه، تبعاً للمصلحة العامة.

٣- أن الرغبة في الأشياء الدنيوية لاتخل بإيمان الراغب وإخلاصه، إذا كان لم يعمل لأجل الدنيا فقط. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤنبهم على رغبتهم.

٤- مشروعية الموعظة والخطبة في المناسبات وتبيين الحق.

٥- أن القائد، والأمير، وأصحاب الولايات، لا يتصرفون في الشؤون العامة، من غير أن يبينوا للرعية مقصدهم فيها.

٦- كون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة وبركة على الأمة، لاسيما الأنصار.

٧- ما للأنصار رضي الله عنهم من فضل الإيمان والنصرة لله ورسوله، أوجبت استئثارهم بالنبي عليه السلام، كما أوجبت محبته لهم وتقديمهم على غيرهم.

٨- علامة من علامات النبوّة، فإٍن ما ذكره مما سيقع على الأنصار، وقع من بعض الملوك الذين لم يعرفوا لهم حرمة وسابقة.

٩- أن الصبر الجميل على المصائب، من أسباب ورود الحوض مع النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>