للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- أن العبادة قسط وعدل، فلا يغفل عن عبادته، لا يغلو فيها؛ لأن لربك عليك حقا، ولأهلك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الشرع جاء بالعدل في كل شيء والإسراف في العبادات من الجور الذي نهى عنه الشارع، وأمر بالاقتصاد في العبادات، ولهذا أمر بتعجيل الفطر وتأخير السحور، ونهى عن الوصال، فالعدل في العبادات من أكبر مقاصد الشرع، والأمر المشروع المسنون جميعه مبناه على العدل والاقتصاد والتوسط الذي هو خير الأمور وأعلاها.

٤- أن الله تبارك وتعالى يتعبدك بأنواع كثيرة من العبادات.

فإذا أوغلت في نوع منها، تركت الباقي، فينبغي إبقاء شيء من القوة لسائر العبادات.

كما أن العبادات التي على الإنسان من معاشرة أهله، وزيارة أصدقائه، وطلبه الرزق في الدنيا، ومحادثة أولاده ونومه، إذا نوى بذلك الأجر وأداء الحقوق، كانت هذه العادات عبادات. ففضل الله واسع، وبِرِّه كبير.

الحديث الرابع

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضيَ الله عنهُ قَالَ:

أوْصَانِي خليلي بثلاث صيام ثلاثة أَيَّام مِنْ كُل شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأن أوْتِرَ قَبْلَ أن أنَامَ.

المعنى الإجمالي:

اشتمل هذا الحديث الشريف على ثلاث وصايا نبوية كريمة:

الأولى: الحث على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فيصير صيام ثلاثة الأيام كصيام الشهر كله.

والأفضل أن تكون الثلاثة، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

كما ورد في بعض الأحاديث، وفي تخصيصها بهذه الأيام فوائد طبية.

الثانية: أن يصلي الضحى، وأقلها ركعتان، لاسيما في حق من لا يصلي من الليل، كأبي هريرة الذي اشتغل بدراسة العلم أول الليل.

وأفضل وقتهما، ارتفاع الضحى حين ترمض الفصال (١) كما جاء في حديث آخر.


(١) الفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه، ورمضها: هو أن نحمي الرمضاء، أي الرمل، فتترك الفصال من شدة وإحراقها أخفافها.

<<  <   >  >>