للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء، ويأتي تحقيقه قريباً إن شاء الله تعالى.

رحمة من الله تعالى بخلقه، حيث جعل لكل جهة ميقاتاً يكون في طريق سالكه إلى مكة، سواء أكان من أهل تلك الجهة أم لا.

ولو جعل الميقات في جهة واحدة، لَشقَّ على من لم يأت منه مشقة كبيرة.

٦- في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت وتحديدها، معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته.

فقد حددها، ووقتها، وأهلها لم يسلموا، إشعاراً منه بأن أهل تلك الجهات سيسلمون، ويحجون، ويحرمون منها، وقد كان، ولله الحمد والمنة.

٧- تعظيم هذا البيت وتقديسه، إذ جعل له هذا الحمى، الذي لا يتجاوزه من قصده بنسك، إلا وجاء منه معظماً، مكرماً، خاشعاً، خاضعاً، بهذه الهيئة الخاصة.

اختلاف العلماء:

أجمع العلماء على مشروعية الإحرام لمن أراد دخول الحرم، سواء أكان دخوله لنسك أم غيره.

وأجمعوا على وجوب الإحرام لمن أراد دخوله للنسك.

واختلفوا في وجوبه على من أراد الدخول لغير نسك، كدخوله لتجارة، أو سكن، أو غير ذلك.

فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد: إلى وجوب الإحرام على من دخله، سواء أكان لنسك أم غيره، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم في مكة: "إنَّهَا حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَلا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ كَحُرمَتِهَا بِالأمْسِ".

واستدلوا بحديث ابن عباس عند البيهقي بلفظ: "لا يَدْخُلُ أحَدٌ مَكَّةَ إلاَّ مُحْرِماً". قال ابن حجر: إسناده جيد.

وذهب الإمام الشافعي في المشهور عنه: إلى جواز الدخول بلا إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة، وهو مذهب الظاهرية، ونصره ابن حزم في "المحلى" وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام "ابن تيمية"، وأبو الوفاء بن عقيل، قال ابن مفلح، في الفروع: وهي ظاهرة.

واستدلوا على ذلك بقوله في هذا الحديث: "ممن أراد الحج والعمرة".

<<  <   >  >>