للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفوسهم، فطمأن أنفسهم بما هو الحق وقال:

لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سُقْتُ الهَدْىَ الذي منعني من التحلل، ولأحللت معكم. فرضيت أنفسهم واطمأنت قلوبهم.

وحاضت عائشة قُرْبَ دخولهم مكة، فصارت قارنة، لاًن حيضها منعها من الطواف بالبيت، وفعلت المناسك كلها غير الطواف والسعي.

فلما طهرت وطافت بالبيت طواف حجها، صار في نفسها شيء، إذ كان أغلب الصحابة – ومنهم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ـ قد فعلوا أعمال العمرة وحدها وأعمال الحج. وهي قد دخلت عمرتها في حجها.

فقالت: يا رسول الله، تنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج؟.

فطيَّب خاطرها، وأمر أخاها عبد الرحمن أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج.

ما يؤخذ من الحديث:

١- كون النبي صلى الله عليه وسلم أحرم ومعه الهدي، فهو أفضل وأكمل.

٢- أن ترك سوق الهدي جائز، لأن أكثر الصحابة لم يسقه.

ويأتي تَمَنِّيهِ صلى الله عليه وسلم عدم سَوْقِهِ الهدي، وتوجيه ذلك إن شاء الله تعالى.

٣- فقه علي رضي الله عنه، فإنه حين لم يعرف أيّ الأنساك أفضل، علَّقه بإحرام النبي صلى الله عليه وسلم.

٤- جواز تعليق الإحرام بإحرام الغير.

٥- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يفسخوا حجهم إلى عمرة.

فإذا فرغوا من أعمال العمرة حلُّوا، ليحرموا بالحج فيقتضي الأمر فعل ما فعلوه ويأتي الخلاف في ذلك وتحقيقه، إن شاء الله تعالى.

٦- أن من ساق الهدي، منعه ذلك من الإحلال، وبقي على إحرامه، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.

٧- جواز المبالغة في الكلام، لاستيضاح الحقائق، وتبيين الأمور.

٨- تَمنِّي النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لم يسق الهدي، وأنه فسخ حجه إلى عمرة منها، وأنه آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم.

٩- جواز تمني الأمور الفائتة إذا كانت من مصالح الدين، لأنه رغبة في الخير، وندم عليه. فهو من أنواع التوبة.

١٠- جواز فعل المناسك للحائض، ماعدا الطواف بالبيت، فممنوع. إما لاشتراط الطهارة في الطواف، وإما خشية تلويث المسجد.

١١- أن السعي من شرطه أن يقع بعد طواف نسك. ولذا لم يصح من الحائض السعي،

<<  <   >  >>