للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في أكل الصيد المصيد للمحرم.

فمذهب أبي حنيفة، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، جواز أكل المحرم

لما صاده الحلال من الصيد، سواء أصاده لأجله أم لا.

وهو مرويٌّ عن جملة من الصحابة، منم عمر بن الخطاب، والزير، وأبو هريرة.

وحجة هؤلاء، حديث أبي قتادة المذكور في هذا الباب.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منه، وأقر رفقة أبي قتادة على أكلهم قبل أن يأتوا إليه، وأمرهم بالأكل منه أيضاً.

وذهب طائفة إلى تحريم لحم الصيد على المحرم مطلقاً، سواء صيد لأجله أم لم يصد لأجله..

ومن هؤلاء، على بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، ومَرْوِيٌّ عن طاوس، وسفيان الثوري.

وحجة هؤلاء عموم قوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَادُمْتُمْ حُرُمَاً} .

وحديث "الصعب بن جثامة" الذي معنا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رده وعلَّل الرد بمجرد الإحرام.

وذهب جمهور العلماء - ومنهم الأئمة، مالك، والشافعي، وأحمد،. وإسحاق وأبو ثور- إلى التوسط بين القولين.

فما صاده الحلال لأجل المحرم، حرم على المحرم، وما لم يصده لأجله، حل له. وقد صح هذا التفصيل، عن عثمان بن عفان.

وأراد بهذا التفصيل، الجمع بين حديث أبي قتادة، وحديث الصعب بن جثامة، لأن كليهما صحيح، لا يمكن رده.

ومما يؤيد هذا الرأي، ما روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صيد البر لكم حلال، وأنتم حرم، مالم تصيدوه أو يُصَدْ لكم".

وبهذا تجتمع الأدلة، وإعمالها أحسن من إهمال بعضها مع صحتها.

وهو جمع مستقيم، ليس فيه تكلُّف أو تعسُّف.

<<  <   >  >>