للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الإمام " أحمد " إلى جواز شرط واحد فقط، ووافقه على رأيه إسحاق، وابن المنذر، والأوزاعى، وإن جمع في العقدين شرطين بطل البيع.

وعن الإمام أحمد رواية أخرى: أن البيع صحيح مع الشروط العائدة للبائع من منافع معلومة في المبيع، أو عائدة للمشترى من منافع معلومة في المبيع من البائع.

واختار هذه الرواية شيخ الإسلام والمسلمين أبو العباس (ابن تيمية) ، وتلميذه شمس الدين " ابن القيم ".

ونصرها وأكدها شيخنا العلامة المحقق " عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي"، رحمهم الله جميعاً والمسلمين.

وهذا ما أعتقد صحته، كما يأتي تبيين أدلة العلماء، رحمهم الله تعالى، ومآخذهم.

أدلة المذاهب السابقة:

استدل الأئمة الثلاثة على ما ذهبوا إليه، بما رواه الخمسة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الثنيَا إلا أن يعلم ". وبما رواه الترمذى وصححه، والنسائي، وابن ماجة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل شرطان في بيع ". وقد روى أبو حنيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع وشرط " وفسروا الشرطين في البيع، والشرط فيه بمثل هذه الشروط، التي يشترطها البائع أو المشترى على الآخر مما فيه مصلحة المبيع، أو منفعة البائع، كاشتراط خياطة الثوب، أو تفصيله، أو تكسير المشترى الحطب، أو حمله، أو استثناء نفع معلوم في المبيع للبائع، كسكنى الدار المبيعة، أو حمل الدابة ونحو ذلك.

وأجابوا عن حديث جابر الذي معنا، بأن المبايعة ليست حقيقية، وإنما أراد كلية أن ينفع جابراً بالهبة، فاتخذ بيع الجمل ذريعة إلى ذلك بدليل ذلك قوله: " أتراني ماكستك لاَخذ جملك؟ " وأجاب بعضهم إلى أن اختلاف الرواة في ألفاظ حديث جابر، مما يمنع الاحتجاج به على هذا المطلب، فإن بعض ألفاظه " بعته واشترطت حملانه إلى أهلي " وفى لفظ " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعاره ظهره إلى المدينة ". وفى لفظ قال: " بعت النبي صلى الله عليه وسلم جملا فأفقرني ظهره إلى المدينة " والإفقار إعارة الظهر.

أما أدلة الذين يرون جواز اشتراط البائع المنافع المعلومة في البيع، أو اشتراط المشترى على البائع المنافع العائدة على المبيع، فكثيرة.

<<  <   >  >>