للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما دليل مشهور مذهب الحنابلة، فالاقتصار في الاستدلال بحديث [ولا شرطان في بيع] .

والصحيح الذي تطمئن إليه النفس، ويرتاح له الضمير، الرواية التي اختارها شيخا الإسلام، ورجحها شيخنا "السعدي" لقوة أدلتها النقلية والقياسية، وعدم ما يعارضها. والله الموفق للصواب.

فائدة:

الشروط في البيع قسمان. أحدهما: ما هو منفعة في المبيع يستثنيها البائع، أو نفع من البائع في المبيع، يشترطه المشترى. وهذه هي مواطن الخلاف بين العَلماء، يتقدم الكلام فيها. والقسم الثاني: ما هو من مقتضى العقد، كالتقابض، وحلول الثمن. أو من مصلحة العقد، كاشتراط تأجيل الثمن، أو الرهن، أو الضمين. أو صفة في المبيع مقصودة، ككون العبد كاتباً أو صانعاً، أو الأمة بكراً، أو خياطة ونحو ذلك. فهذه الشروط لا خلاف في جوازها، كثرت أو قَلتْ.

الحديث الثالث

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عَنْهُ قالَ: نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن يبيع حَاضِر لِبَادٍ، وَلا تَنَاَجَشُوا، وَلا يَبع الرجُلُ عَلَى بيع أخيه. وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، وَلا تَسْأل المَرأة طَلاقَ أخْتِهَا لِتُكفِىءَ مَا في إنَاِئهَا (١) "

ما يستفاد من الحديث:

الكلام على بيع الحاضر للبادي، والنجش، وبيع الرجل على بيع أخيه، تقدم مفصلا في الحديثين رقم [٢٥٢ و ٢٥٣] ، بما أغنى عن إعادتها ههنا. وفيه من الفوائد الزوائد ما يأتي:

١- تحريم خطبة النكاح على خطبة أخيه، حتى يعلم أن الخاطب رُد عن طلبه، ولم يُجَبْ، لما تسبب الخِطْبة على خِطبةْ الغير من العداوة والبغضاء، والتعرض لقطع الرزق.

٢- تحريم سؤال المرأة زوجها أن يطلق ضرتها، أو توغير صدره عليها، أو الفتنة بينهما، ليحصل بينهما الشر، فيفارقها، فهذا حرام، لما يحتوى عليه من المفاسد الكبيرة، من توريث العداوات، وجلب الإحن، وقطع رزق المطلقة، الذي كنى عنه بِكَفْءِ ما في إنائها من الخير، الذي سببه النكاح، وما يوجبه من نفقة وكسوة وغيرها من الحقوق الزوجية. فهذه أحكام جليلة وآداب سامية، لتنظيم حال المجتمع، وإبعاده عما يسبب الشر والعداوة والبغضاء، ليحل محل ذلك المحبة والمودة والوئام والسلام.


(١) هذا لفظ البخاري ولـ " مسلم " نحوه ا. هـ شارح

<<  <   >  >>