للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلها السابقين على زراعة الأرض وسقْي الشجر، ويكون لهم النصف، مما يخرج من ثمرها وزرعها، مقابل عملهم ونفقتهم، وللمسلمين النصف الآخر، لكونهم أصحاب الأصل.

فما زالت هذه المعاملة سائرة بينهم زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر الصديق، حتى جاء عمر بن الخطاب وأجلاهم عن بلدة خيبر.

ما يستفاد من الحديث:

١- جواز المزارعة والمساقاة، بجزء مما يخرج من الزرع: الثمر.

٢- ظاهر الحديث، أنه لا يشترط أن يكون البذر من رب الأرض، وهو الصحيح، خلافا للمشهور من مذهبنا في اشتراطه.

٣- أنه إذا علم نصيب العامل، أغنى عن ذكر نصيب صاحب الأرض أو الشجر، لأنه بينهما.

٤- جواز الجمع بين المساقاة والمزارعة في بستان واحد، بأن يساقيه على الشجر، بجزء معلوم وزراعة الأرض بجزء معلوم.

٥- جواز معاملة الكفار بالفلاحة، والتجارة، والمقاولات على البناء والصنائع، ونحو ذلك من أنواع المعاملات.

اختلاف العلماء في المساقاة والمزارعة:

تقدم أن طائفة من العلماء يرون أن المساقاة والمزارعة جاءتا على خلاف الأصل والقياس، لهذا اختلف العلماء في حكمهما، مع ورود النص فيهما. فأما " المساقاة " فذهب أبو حنيفة إلى أنها لا تجوز بحال، لأنها إجارة بثمرة لم تخلق، أو بثمرة مجهولة، فهي راجعة إلى التصرف بالثمرة قبل بدو صلاحها أو راجعة إلى جهالة العوض، وكلاهما ممنوع.

فعمدته في رد النص فيها، مخالفتها للأصول.

وذهب الظاهرية، إلى أنها لا تجوز إلا في النخل خاصة، لورود الخبر فيها.

وذهب الشافعي إلى جوازها في النخل والكرم خاصة، لاشتراكهما في كثير من الأحكام، ومنها وجوب الزكاة فيهما خاصة من سائر الثمار وذلك عنده.

وهؤلاء تحرزوا من امتداد الحكم إلى سائر الشجر المقصود. المنتفع به، بناء منهم على أن هذا الحكم الثابت في هذا الخبر، إنما جاء على خلاف الأصل فلا يتعدى به محل النص.

<<  <   >  >>