للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما أن يحجر على أولاده وورثته باسم الوقف حتى لا يبيعوه، أو تكثر عليه الديون فيقف عقارَه خشية أن يباع لأصحاب الحقوق، أو يقفه على أولاده، فيحرم بعضهم ويحابى بعضهم، كأن يجعل نصيب البنات لهن ما دمن على قيد الحياة، أو يفضل بعض الأولاد على بعض لغير قصد صحيح أو يقفه على جهة من الجهات التي لا بِر فيها ولا قربة، ونحو ذلك. فهذا كله ليس بوقف صحيح، بل هو تحجير باسم الوقف.

وبهذا يدخل في أبواب الظلم، بدلا من أبواب البر، لأنه ليس على مراد الله، وكل ما أحدث في غير أمر الله فهو رد. أي مردود.

وبما تقدم تعرف الحكمة الجليلة من الوقف، فهو إحسان إلى الموقوف عليهم وبِرّ بهم، وهم أولى الناس بالبر والإحسان، وذلك إما لحاجتهم كالفقراء والأيتام والأرامل والمنقطعين، أو للحاجة إليهم كالمجاهدين والمعلمين والمتعلمين والعاملين- تبرعاً- في خدمة الصالح العام.

وفيه إحسان كبير وبِرّ عظيم للواقف إذ يتصدق بهذه الصدقة المؤبدة التي يجرى عليه ثوابها بعد انقطاع أعماله وانتهاء آماله، بخروجه من دنياه إلى أخراه.

الحديث الأول (١)

عَنْ عَبْدِ الله بنٍ عُمَرَ قال: أصاب عُمَرُ أرضا بِخَيْبَرَ فأتى النَبي صَلًى الله عَلَيْهِ ومسَلّمَ يَسْتَأمِرُهُ فِيهاَ، فقال: يَا رَسَوُلَ الله، إني أصبت أرْضاً بِخَيْبَرَ لَمْ أصِبْ مَالا قَط هُوَ أنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَماَ تَأمُرُني بِهِ؟

قال: " إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَهَا وَتَصَدقْتَ بِهَا ".

قال: فَتَصَدقَ بِهَا عُمَرُ، غَيْرَ أنَهُ لا يُباعُ أصلُهَا وَلا يُورَث.

قال: فَتَصَدقَ بهَا عُمَرُ في الفُقَرَاء، وفي القُربَى، وَفي الرقَابِ، وَفي سَبيلِ الله، وَابن السبيلِ، وَالضيفِ، لا جُنَاح عَلَى مَن وَلِيَهَا أن يَأكلَ مِنْهَا بالمعرُوفِ، أوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً، غيرَ مُتَمَول فِيهِ. وفي. لفظ: غيْرَ مُتَأثل.

الغريب:

أرضا بخيبر: بلاد شمالي المدينة تبعد عنها ١٦٠كم لا تزال عامرة بالمزارع والسكان، وكانت مسكنا لليهود حتى فتحها النبي صلى الله عليه وسلم عام سبع فأقرهم على فلاحتها حتى أجلاهم عمر في خلافته. وأرض عمر هذه، اسمها " تَمغ " بفتح فسكون اشتراها من أرض خيبر.

يستأمره: يستشيره في التصرف بها.


(١) رقم هذا الحديث حسب ترتيب المصنف [٢٧٩] أخرجناه لنضمه إلى الأحاديث المناسبة له.

<<  <   >  >>