للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الرابع

عَنْ عَاِئشَةَ رضي الله عَنْهَا قالت: كانت في بريرةَ ثَلاثُ سنن: خيرتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ. وأهْديِ لَهَا لَحم، فَدَخَل عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالبرْمَة عَلَى النارِ، فدَعَا بِطَعَام فَأتَى بِخُبْز وأدم مِن أدم البَيْتِ.

فَقَال: "ألم أرَ البرمة عَلَى النارِ فِيهَا لَحم"؟

فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله ذلِكَ لحم تصدقَ بِهِ عَلَى بَرِيرةَ فكَرِهْنَا أن نطْعِمَكَ مِنهُ.

فقال: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة، وَهوَ لَنَا مِنْهَا هَدية".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم فِيهَا: "الولاء لِمَنْ أعْتَقَ".

الغريب:

برمة: قال في القاموس: البرمة- بالضم- قِدْر من حجارة، جمعه برم، بالضم في الباء، وبالفتح في الراء.

المعنى الإجمالى:

تذكر عائشة رضي الله عنها من بركة مولاتها بريرة متيمنة بتلك الصفقة، التي قربتها منها، إذ أجرى الله تعالى من أحكامه الرشيدة في أمرها ثلاث سنن، بقيت تشريعاً عاماً على مر الدهور.

فالأولى: أنها عتقت تحت زوجها الرقيق (مغيث) فخيرت يين الإقامة معه على نكاحهما الأول، وبين مفارقته واختيارها نفسها لأنه أصبح لايكافئها في الدرجة، إذ هي حرة وهو رقيق، والكفائة هنا معتبرة، فاختارت نفسها، وفسخت نكاحها، فصارت سنة لغيرها.

والثانية: أنه تُصدقَ عليها بلحم وهي في بيت مولاتها عائشة فدخل النبي صلى الله عليه وسلم واللحم يطبخ في البرمة، فدعا بطعام فأتوه بخبز وأدم من أدم البيت الذي كانوا يستعملونه في عادتهم الدائمة، ولم يأتوه بشيء من اللحم الذي تصدق به على بريرة، لعلمهم أنه لا يأكل الصدقة فقال: ألم أر البرمة على النار فيها لحم، فقالوا: بلى، ولكنه قد تصدق به على بريرة، وكرهنا إطعامك منه.

فقال: هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية.

والثالثة: أن أهلها لما أرادوا بيعها من عائشة، اشترطوا أن يكون ولاؤها لهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الولاء لمن أعتق) .

<<  <   >  >>