للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجاب بأن له أن يتزوج، ولكن على أن ينكح نكاحا مطلقا، يمكنه من إمساكها أو تطليقها إن شاء، وإن نوى طلاقها حتما عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع.

ثم ببن رحمه الله رأيه في نكاح المنعة، فقال: إن قصد أن يستمتع بها إلى مدة ثم يفارقها، مثل المسافر إلى بلد يقيم به مدة فيتزوج وفي نيته إذا عاد إلى وطنه أن يطلقها، ولكن النكاح عقده عقداً مطلقا فهذا فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد.

١- قيل: هو نكاح جائز، وهو اختيار الموفق وقول الجمهور.

٢- وقيل: إنه نكاح تحليل لا يجوز، وروى عن الأوزاعي ونصر القاضي وأصحابه.

٣- وقيل مكروه وليس بمحرم.

والصحيح أن هذا ليس بنكاح متعة ولا يحرم، وذلك أنه قاصد للنكاح وراغب فيه، بخلاف المحلل، لكن لا يريد دوام المرأة معه وهذا ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلقها، فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة فقد قصد أمرا جائزا بخلاف نكاح المتعة، فإنه مثل الإجارة تنقضي فيه بانقضاء المدة، ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل، وأما هذا فملكه ثابت مطلق، وقد تتغير بنية فيمسكها دائما، وذلك جائز له، كما لو تزوج بنية إمساكها دائماً، ثم بدا له طلاقها جاز ذلك.

اختلاف العلماء:

أجمع العلماء على تحريم هذا النكاح وبطلانه.

واختلفوا في الوقت الذي حرم فيه، تبعا للآثار التي وردت في تحريمه.

فبعضهم يرى أن التحريم كان يوم (خيبر) مستدلا بحديث الباب، ثم أنها أبيحت، ثم حرمت يوم فتح مكة.

وبعضهم يرى أنها لم تحرم إلا يوم الفتح، وقبله كانت مباحة، ويقولون: إن علياً رضي الله عنه لم يرد في هذا الحديث أن تحريم المتعة وقع مع تحريم لحوم الحمر الأهلية يوم (خيبر) وإنما قرنهما جميعا ردا على ابن عباس الذي يجيز المتعة للضرورة ويبيح لحوم الحمر الأهلية. وهذا القول أولى.

قال النووي: الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح، وهو عام أوطاس، ثم حرت تحريما مؤبدا. قال: ولا مانع من تكرير الإباحة (١) .


(١) أي في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم لا بعد التحريم المؤبد.

<<  <   >  >>