للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا أيضا بعمل الصحابة، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم على إيقاع الثلاث بكلمة واحدة ثلاثا، كما نطق بها المطلق. وكفى بهم قدوة وأسوة.

ولهم أدلة غير ما سقْنَا، ولكن ما ذكرنا، هو الصريح الواضح لهم.

وذهب جماعة من العلماء: إلى أن موقع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، أو بكلمات لم يتخللها رجعة، لا يقع عليه إلا طلقة واحدة. وهو مروي عن الصحابة، والتابعين، وأرباب المذاهب.

فمن الصحابة القائلين بهذا القول، أبو موسى الأشعري، وابن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام.

ومن التابعين، طاوس، وعطاء، وجابر بن زيد، وغالب أتباع ابن عباس، وعبد الله بن موسى، ومحمد بن إسحاق.

ومن أرباب المذاهب، داود وأكثر أصحابه، وبعض أصحاب أبي حنيفة، وبعض أصحاب مالك، وبعض أصحاب أحمد، منهم المجد عبد السلام بن تيميه، وكان يفتي بها سرا، وحفيده شيخ الإسلام (ابن تيميه) يجهر بها ويفتي بها في مجالسه، وقد عذِّبَ من أجل القول بها، هو وكثير من أتباعه.

ومنهم ابن القيم الذي نصرها نصرا مؤزرا في كتابيه [الهدى] و [أعلام الموقعين] فقد أطال البحث فيها، واستعرض نصوصها، وردَ على المخالفين بما يكفى ويشفى.

واستدل هؤلاء بالنص، والقياس.

فأما النص، فما رواه مسلم في صحيحة [أن أبا الصهباء قال لابن عباس: ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وفي صدر من إمارة عمر؟ قال: نعم] وفي لفظ [ترد إلى واحدة؟ قال: نعم] .

فهذا نص صحيح صريح، لا يقبل التأويل والتحويل.

وأما القياس، فإن جَمْعَ الثلاث محرم وبدعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد] وإيقاع الثلاث دفعة واحدة ليس من أمر الرسول، فهو مردود مسدود.

<<  <   >  >>