للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الثاني

عَنِ ابنِ عباس رضي الله عَنْهمَا قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحَدَكُم إذَا أرَادَ أن يأتي أهْلَهُ قَال: بسْمِ الله، اللَّهمَّ جنبنا الشيطان وجَنبِ الشيطَانَ ما رزقتنا فَإنهُ إن يقدر بَينهُمَا وَلَدْ في ذلك لم يضره الشيطان أبَدَاً".

المعنى الإجمالي:

يبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف شيئا من آداب الجماع، وهو أنه ينبغي للرجل إذا أراد جماع زوجته أو أمته أن يقول: "بسم الله" فإن كل أمر لا يبدأ فيه بـ "بسم الله" فهو أبتر.

وأن يقول الدعاء النافع "اللَّهُم جَنبْنَا الشيطان وَجَنب الشيطان مَا رَزَقْتَنَا" فإن قدر الله تعالى لهما ولدا من ذلك الجماع، فسَيكون -ببركة اسم الله تعالى وهذا الدعاء المبارك- في عصمة، فلا يضره الشيطان.

وبمثل هذه الآداب الشريفة تكون عادات الإنسان عبادات، حينما تقترن بالآداب الشرعية، والنية الصالحة في إتيان هذه الأعمال.

تنبيه:

ذكر القاضي عياض: أنه لم يحمل هذا الحديث على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء. ذكر (ابن دقيق العيد) أنه يحتمل حمله على عموم الضرر، حتى الديني، ويحتمل أن يؤخذ خاصا بالنسبة للضرر البَدَني، وقال: هذا أقرب، وإن كان التخصيص على خلاف الأصل، لأننا لو حملناه على العموم، اقتضى ذلك أن يكون. معصوما من المعاصي كلها، وقد لا يتفق ذلك، ولابد من وقوع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.

وأحسن ما يقال في هذا المقام وأمثاله: أن الشارع جعل لكل شيء أسبابا ومواقع.

فإن وُجِدَت الأسباب، وانتفت الموانع، وُجدَ المسبب الذي رتب عليه.

وإن لم توجد الأسباب، أو وجِدَتْ، ولكن حصلت معها الموانع، لم يقع.

فهنا قد يُسَمي المجامع، ويستعيذ، ولكن توجد موانع تقتضي إبطال السبب أو ضعفه، فلا تحقق المطلوب.

وبهذا يندفع الإشكال الذي تحير فيه (تقي الدين بن دقيق العيد) في هذه المسألة.

<<  <   >  >>