للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥- الأحسن في رعاية النساء التوسط، فلا يكثر الرجل من الوساوس التي لم تبن على قرائن، ولا يحجبها عما هو متعارف ومألوف بين الناس المحافظين مادام لم ير ريبة، ولا يتركها مهملة، تذهب حين شاءت، وتكلم من شاءت، فهذا هو التفريط. ومع الريبة دياثة.

الحديث الثالث

عَنْ أبي هريرة رَضي الله عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُل مِنْ بَني فزارة إلَى النَبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ امرأتي وَلَدَتْ غلاما أسود.

فَقَالَ الَّنبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكَ إبِل"؟ قال: نَعَمْ.

قَالَ " فَمَا ألوانها"؟ قالَ: حُمْر.

قَالَ: " فَهَلْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ أوْرَقَ "؟ قَالَ: إنَّ فِيهَا لوُرْقاً.

قَالَ: "فَأنىَّ أتَاهَا ذلِكَ"؟ قالَ: عَسَى أنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عرق.

قَالَ: "وَهذَا عَسَى أنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْق".

الغريب:

رجل من بنى فَزَارة: بفتح الفاء والزاي، من غطَفان (قبيلة عدنانية) والرجل اسمه ضمضم بن قتادة.

أنَّي أتاه: بفتح الهمزة وتشديد النون، أي مما أتاه هذا اللون المخالف للون أبويه.

أورق: بفتح القاف لأنه لا ينصرف، وهو الأسود الذي لم يخلص سواده وإنما فيه غبرة. وجمعه وُرْق، كأحمر وحُمْر.

نزعه عرق: العرق، بكسر العين وسكون الراء، هو الأصل. والنزع هو الجذب.

والمعنى -هنا- لعله جذبه أصل من النسب، فأشبه المجذوب الجاذب في لونه وخلقه.

المعنى الإجمالي:

ولد لرجل من قبيلة فزارة غلام خالف لونه لون أبيه وأمه، فصار في نفس أبيه شك منه. فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم معرضا بقذف زوجه وأخبره بأنه ولد له غلام أسود.

ففهم النبي صلى الله عليه وسلم مراده من تعريفه، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يقنعه ويزيل وساوسه، فضرب له مثلا مما يعرف ويألف.

فقال: هل لك إبل؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: فهل يكون فيها من أورق مخالف لألوانها؟ قال: إن فيها لورقا.

فقال: فمن أين أتاها ذلك اللون المخالف لألوانها؟.

قال الرجل: عسى أن يكون جذبه عرق وأصل من آبائه وأجداده.

فقال: فابنك كذلك، عسى أن يكون في آبائك وأجدادك من هو أسود، فجذبه في لونه.

فقنع الرجل بهذا القياس المستقيم، وزال ما في نفسه من خواطر.

<<  <   >  >>