للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الأول

عَنْ أنس بن مَالِك رَضي الله عَنْهُ قَالَ: قدِم نَاس مِنْ عكل -أوْ عَرينةَ- فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَأمَرَ لَهُم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاح، وأمَرهم أن يَشربُوا مِنْ أبوالها وَألبَانِهَا، فَانطَلَقوا.

فَلَما صَحُّوا، قَتَلُوا رَاعِي النبيِّ صلى الله عليه وسلم واستا قوا النَّعَمَ.

فَجَاءَ الْخَبرُ في أوَّلِ النَّهَار، فبعَثَ في آثارِهِمْ، فَلما ارْتَفَعَ النَّهَارُ، جيءَ بِهِمْ فأمَرَ بِهِمْ فقطعت أيديهمْ وأرجلهم مِن خِلافِ وَسُمرَت أعينهم، وَتُرِكُوا في الحَرةِ يستسقُون فَلا يُسقَون.

قالَ أبو قلابَةَ: فَهؤلاءِ سَرَقُوا وَقتلُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ، وَحَارَبُوا الله وَرَسُولَهُ. أخرجه الجماعة.

اجتويت البِلاد: إذَا كَرِهتَهَا، وَإنْ كانَتْ مُوَافِقِةً. وَاستوْبَأتَهَا: إذَا لَم تُوَافِقْكَ.

الغريب:

عُكْل: بضم العين المهملة وسكون الكاف [قبيلة عدنا نية] .

عُرَيْنة: بضم العين، وفتح الراء وسكون التحتية وفتح النون [قبيلة قحطا نية] .

اجتووا المدينة: بالجيم الساكنة، وفتح التاء الفوقية، وفتح الواو أيضا، وضم الثانية. وهي فاعل: كرهوها لداء أصابهم في أجوافهم، يقال له: [الجوى] فاشتق منه هذا الفعل.

بلقاح: بكسر اللام، بعدها قاف، وبعد الألف حاء. جمع (لقحة) وهي الناقة الحلوب.

النَّعم: بفتح النون والعين، واحد الأنعام، وهي الإبل.

آثارهم: بالمد، جمع أثر

من خلاف: فتقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى.

سُمرت أعينهم: بضم السين وكسر الميم مبنى للمجهول، أي كُحلَتْ أعينهم بمسامير محماة بالنار.

الحَرَّة: بفتح الحاء والراء المشددة، هي الأرض التي تعلوها حجارة سود، وهي أرض خارج المدينة.

قلابة: بكسر القاف، هو عبد الله الجرمي.

المعنى الإجمالي:

قدم أناس إلى المدينة من البادية فأسلموا، وحين اختلف عليهم الجَو والمناخ، مرضوا، فضاقت أنفسهم بالمقام في المدينة.

فطيب الأديان والأبدان، عرف داءهم ودواءهم، فأمرهم أن يعودوا إلى ما ألفته أجسامهم، فيذهبوا إلى حيث الهواء الطلق، ويشربوا من ألبان الإبل وأبوا لها ففعلوا.

فلما صَحُّوا، طَغَوْا وَبَغَوْا، فقتلوا الراعي الذي مع الإبل بِسَمْلِ عينه، وارتدوا عن الإسلام، وهربوا بالإبل التي منحوا ألبانها.

فجاء خبرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إليهم من

<<  <   >  >>