للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠- هذه المنقبة العظيمة لماعز، رضي الله عنه، إذ جاء بنفسه، غضبا لله تعالى، وتطهيرا لها مع وجود الإعراض عنه، وتلقينه ما يسقط عنه الحد.

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء: هل يشترط تكرار الإقرار بالزنا أربع مرات، أولا؟.

ذهب الإمام أحمد، وجمهور العلماء، ومنهم الحكم، وابن أبي ليلى، والحنفية: إلى أنه لا بد من الإقرار أربع مرات، مستدلين بهذا الحديث الذي معنا. فإنه لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم على (ماعز) الحد إلا بعد أن شهد على نفسه أربع مرات. وقياسا على الشهادة بالزنا، فلا يقبل إلا أربعة شهود.

ولا يشترط أن تكون الإقرارات في مجالس، خلافا للحنفية.

وذهب مالك، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر: إلى أنه يكفي لإقامة الحد إقرار واحد لحديث "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" ولم يذكر إقرارات أربعة.

ورجم صلى الله عليه وسلم الجهنية، وإنما اعترفت مرة واحدة.

وأجابوا عن حديث ماعز، بأن الروايات في عدد الإقرارات مضطربة.

فجاء أربع مرات، وجاء مرتين، أو ثلاثا.

وأما القياس فلا يستقيم، لأن الإقرار في المال لابد فيه من عدلين، ولو أقر على نفسه مرة واحدة كفت إجماعا. والله أعلم.

الحديث السادس

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له: أنَّ امرأة منهم ورجلاً زنيا.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم"

فقالوا: نفضحهم ويجلدون.

قال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها آية الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها.

فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها.

فقال له عبد الله بن سلام: (ارفع يدك) فرفع يده فإذا فيها آية الرجم.

فقال: صدق يا محمد.

فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرُجِما.

قال: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة (١) يَقِيهَا الحجارة.

قال رضي الله عنه: الذي وضع يده على آية الرجم هو عبد اله بن صوريا.


(١) ينحني، وينكب عليها.

<<  <   >  >>