للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو محرم بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.

أما الكتاب، فقوله تعالى: {يَا آُيَّهَا الذِينَ آمَنُوا إنَمَا الْخمر وَالْميسِرُ والأنْصَابُ والأزْلامُ رِجْس مِنْ عَمَل الشيطَانِ فَاجَتَنِبُوهُ لعلَّكم تفلحون} فقرنه مع عبادة الأصنام، التي هي الشرك الأكبر بالله تعالى.

وأما السنة: فأحاديث كثيرة، منها ما رواه مسلم: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" وأجمعت الأمة على تحريمها.

حكمة تحريمها التشريعية: لا يحتمل المقام هنا ذكر ما علمناه ووقفنا عليه من المفاسد، التي تجرها وتسببها ويكفيك قوله تعالى: {إنَّمَا يُريدُ الشيطَانُ أنْ يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمْرِ وَالميسِرِ وَيَصُدَّ كم عَنْ ذِكْرِ الله وَعَن الصلاةِ فَهَلْ أنتمْ مُنْتَهُون؟} فذكر أنه سبب في كل شر، وعائق عن كل خير.

وقال صلى الله عليه وسلم: " الخمر أم الخبائث " فجعلها أما وأساسا لكل شر وخُبْثٍ.

أما مضرتها الدينية، والأخلاقية، والعقلية، فهي مما لا يحتاج إلى بيان وتفصيل.

وأما مضرتها البدنية، فقد أجمع عليها الأطباء لأنهم وجدوها سببا في كثير من الأمراض الخطيرة المستعصية.

لهذا حرمها الشارع الحكيم، وإنَ ما تجره هذه الجريمة المنكرة من المفاسد والشرور ليطول عَدُّه، ويصعب حَصْرُه.

ولو لم يكن فيها إلا ذهاب العقل لكفى سببا للتحريم فكيف يشرب المرء تلك الآثَمة التي تزيل عقله، فيكون بحال يضحك منها الصبيان، ويتصرف تصرف المجانين.

فَدَاء هذا بعض أمراضه، كيف يرضاه عاقل لنفسه؟!

ولِعظَمِ خطرها، وكثرة ضررها، حاربتها الحكومات في (الولايات المتحدة) وغيرها.

ولكن كثيرا من الناس لا يعقلون، فتجدهم يتهافتون عليها، فيذْهِبُونَ بها عقولهم، وأديانهم، وأعراضهم، وأموالهم، وشيمتهم، وصحتهم. فإنا لله وإنا إليه راجعون

الحديث الثالث والخمسون بعد الثلاثمائة

عن أنسَ بْنِ مَالِك رضيَ الله عَنْهُ: أنَّ النَّبيَّ صَلَّي الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أتي بِرَجُلِ قدْ شَرِبَ الَخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَريِدِةٍ نَحْوَ أربعين.

قالَ: وَفَعَلَهُ أبُو بَكْر، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، اسْتَشَارَ النَّاسَ، فقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: " أخَفُّ الُحْدُودِ، ثَماَنُونَ ". فَأمَرَ به عمر رضي الله عَنْهُ (١) .


(١) قال عبد الحق في جمعه بين الصحيحين: لم يخرج البخاري مشورة عمر ولا فتوى عبد الرحمن بن عوف.

<<  <   >  >>