للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضاً- فيمن طعن على الصحابة-: (إنه قد وجب على السلطان عقوبته، فإن تاب وإلا أعاد العقوبة) .

وقد أطال الناقل عن شيخ الإسلام في " الاختيارات " في هذا الباب فنجتزئ من ذلك بفقرات تُبيِّن رأيه، وتنير الطريق في هذه المسألة.

قال رحمه اللَه: (وقد يكون التعزير بالعزل والنَّيْلِ من عِرْضِه، مثل أن يقال: يا ظالم، يا معتدى، وبإقامته من المجلس) .

وقال: (والتعزير بالمال سائغ، إتلافاً، وأخذا، وهو جار على أصل أحمد، لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها) .

وقول الشيخ أبى محمد المقدسى (ابن قدامه) : (ولا يجوز أخذ مال المعزر) ، إشارة منه إلى ما يفعله الولاة الظلمة.

وقال: (ويملك السلطان تعزير من ثبت عنده أنه كتم الخبر الواجب. كما يملك تعزير المقر إقراراً مجهولا حتى يفسره، أو من كتم الإقرار) .

وقد يكون التعزير بتركه المستحب كما يعزر العاطس الذي لم يحمد الله، (بترك تشميته) .

وقال: (وأفتيت أميرا مقدماً على عسكر كبير في الحربية، فإذا نهبوا أموال المسلمين ولم ينز جروا إلا بالقتل، أن يقتل من يَكفون بقتله ولو أنهم عشرة إذ هو من باب دفع الصائل) .

وقال (ابن القيم) : (الصواب أن المراد بالحدود هنا، الحقوق التي هي أوامر الله ونواهييه. وهي المرادة بقوله تعالى: {وَمَنْ يتعدَّ حُدودَ الله فأولئكَ هُمُ الظالمون} وفي أخرى (فَقَدْ ظَلَمَ نَفسَهُ) وقال: {تِلْكَ حُدُوُد الله فلا تَقرَبُوها} فلا يزاد على الجلدات العشر، في التأديبات التي لا تتعلق بمعِصية، كتأديب الأب ولده الصغير) .

وقال أبو يوسف- صاحب أبي حنيفة-: (التعزير على قدر عظم الذنب

وصغره، على قدر ما يرى الحاكم من احتمال المضروب، فيما بينه وبين أقل من ثمانين) .

وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (التعزير على قدر الجرم. فإن كان جرمه أعظم من القذف، ضُرِبَ مَائة أو أكثر) .

وقال أبو ثور: (التعزير على قدر الجناية وتسرعِ الفاعل في الشر، وعلى قدر ما يكون أنكل وأبلغ في الأدب، وإن جاوز التعزير الحد، إذا كان الجرم عظيما، مثل أن يقتل الرجل عبده، أو يقطع منه شيئاً، أو يعاقبه عقوبة يسرف فيها، فتكون العقوبة فيه على قدر ذلك. وما يراه الإمام إذا كان عدلا مأمونا) .

<<  <   >  >>