للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكأنما قتله، لاشتراك اللاعن والقاتل، بانتهاك حرم الله تعالى، واكتساب الإثم، واستحقاق العذاب.

ومن تكبر وتكثر بالدعاوى الكاذبة، التي ليست فيه، من مال أو علم، أو نسب، أو شرف، أو منصب، مريداً بذلك التطاول، لم يزده الله إلا ذلَّةً وحقارة، لأنه أراد رفع نفسه بما ليس فيه، فجزاؤه من جنس مقصده.

وأعظمها أن يقصْد بدعاويه الحيلة لأكل أموال الناس بالباطل، أو تضليلهم ومخادعتهم.

ومن نذر شيئاً لم يملكه- كأن ينذر عتق عبد فلان، أو التصدق بشيء من مال فلان، فإن نذره لاغ لم ينعقد، لأنه لم يقع موقعه، ولم يحل محله.

ما يستفاد من الحديث:

١- تغليظ التحريم على من حلف بشريعة غير الإسلام.

وقد اختلف العلماء. هل لها كفارة أم لا؟.

فالمشهور من مذهبنا أن فيها الكفارة، وهو مذهب الحنفية وغيرهم. ومذهب مالك، والشافعي: ليس فيها كفارة، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها (ابن قدامه) و (ابن دقيق العيد) وغيرهما، وهي أصح.

٢- تحريم قتل الإنسان نفسه، فإن إثمه كإثم القاتل لغيره، ويعذًب بما قتل به نفسه، فإن الجزاء من جنس العمل.

٣- وأن لعن الإنسان كقتله في المشاركة في الإثم، وإن لم يستويا في قدره.

٤- تحريم ادعاء الإنسان ما ليس فيه، من علم، أو نسب، أو شجاعة، أو غير ذلك. خصوصاً لمن غَر بها الناس، أو يدعي معرفته لعمل، ليتولى وظيفته. كل هذا حرام.

ومن فعله رياء وتكبرا، لم يزده الله تعالى إلا ذِلة، فالجزاء من جنس القصد الدنيء.

٥- أن النذر لا ينعقد فيما لا يملكه الناذر، فإن النذر طاعة وقربة. ولا يتقرب فيما لا يتصرف فيه، وإذا نذر، فليس عليه في نذره شيء.

٦- ظاهر قوله في الحديث: (فهو كما قال) أن الحالف بغير ملة الإسلام يخرج من الإسلام، وأن قوله (لعن المؤمن كقتله) أن إثم اللاعن والقاتل سواء. وتقدم الكلام على مثل هذه النصوص.

ولشيخ الإسلام " ابن تيميه " في مثل هذه الأحاديث مسلك، وهو: أنه لابد في وقوع الوعيد من وجود أسبابه وانتفاء موانعه.

فإذا رتب الوعيد على فعل شيء، كان فعله سبباً من أسباب الوعيد الموجب لحصوله.

فإن انتفت الموانع من ذلك وقع، وإن عارض السبب مانع اندفع موجب السبب بحسب قوة المانع وضعفه، وهذه قاعدة نافعة.

<<  <   >  >>