للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الإجمالي:

لما كان المنافقون يراؤون الناس، ولا يذكرون الله إلا قليلا، كانت صلاة العشاء وصلاة الفجر بوقت ظلام فما يراهم الناس الذين يصلون لأجلهم نجدهم يقصرون في هاتين الصلاتين اللتين تقعان في وقت الراحة ولذة النوم ولا ينشط لأدائهما مع الجماعة إلا من حداه داعي الإيمان بالله تعالى، ورجاء ثواب الآخرة.

ولما كان الأمر على ما ذكر كانت هاتان الصلاتان أشق وأثقل على المنافقين.

ولو يعلمون ما في فعلهما مع جماعة المسلمين في المسجد من الأجر والثواب- لأتوهما ولو حَبْواً كَحَبْوِ الطفل.

وأقسم صلى الله عليه وسلم أنه قد هَم بمعاقبة المتخلفين المتكاسلين عن أدائهما مع الجماعة، وذلك بأن يأمر بالصلاة فتقام جماعة، ثم يأمر رجلا فيؤم الناس مكانه، ثم ينطلق معه برجال، معهم حُزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فيحرق عليهم بيوتهم بالنار، لشدة ما ارتكبوه في تخلفهم عن صلاة الجماعة، لولا ما في البيوت من النساء والصبيان الأبرياء، الذين لا ذنب لهم، كما ورد في بعض طرق الحديث.

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة.

فذهبت طائفة من الحنفية والمالكية والشافعية: إلى أنها سنة مؤكدة.

وذهبت طائفة أخرى من هؤلاء إلى أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفى، سقطت عن الباقين.

وذهب الإمام أحمد وأتباعه، وأهل الحديث، إلى أنها فرض عين.

وبالغت الظاهرية، فذهبوا إلى أنها شرط لصحة الصلاة.

واختار هذا القول أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي، وشيخ الإسلام "ابن تيمية".

أدلة هذه المذاهب:

استدل الذاهبون إلى أنها سنة بحديث "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".

ووجه استدلالهم: أن كلا من صلاة الجماعة وصلاة الانفراد، اشتركا في الأفضلية.

وتأولوا حديث الباب بتأويلات بعيدة متكلفة، مذكورة في فتح الباري، ونيل الأوطار، وغيرهما.

<<  <   >  >>