للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكلم محمدًا أبدًا، ثم قال: والله لقد كلمته فأجابني بشيء، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، ولما بلغ صاعقة عاد وثمود أمسكت بفيه، وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب.

[{فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} ١٥ - ١٦]

{فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ} أي: تعظموا فيها على أهلها بما لا يستحقون به التعظيم؛ وهو القوّة وعظم الأجرام. أو: استعلوا في الأرض واستولوا على أهلها بغير استحقاق للولاية. {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}: كانوا ذوى أجسام طوال وخلق عظيم، وبلغ من قوّتهم أن الرجل كان ينزع الصخرة من الجبل فيقتلعها بيده. فإن قلت: القوّة هي الشدّة والصلابة في البنية، وهي نقيضة الضعف، وأما القدرة فما لأجله يصح الفعل من الفاعل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وأما القدرة فما لأجله يصح الفعل من الفاعل)، الانتصاف: فسر الزمخشري القدرة بخلاف ما قاله المتكلمون، ثم عاد إلى تفسيرها بالقدرة، وجعل الفرق بينهما أن قدرة الله لذاته، وقدرة المخلوق بقدرته، فهو كما قال: زيد أفضل من عمرو، بمعنى سلب القدرة عن زيد الأفضل، والحق أن قدرة العبد مقارنة لفعله، لا قبله ولا بعده، غير مؤثرة في إيجاده، وقدرة الله -جلت قدرته- مؤثرة في جميع المقدورات أزلًا وأبدًا عامة التعلق.

قال الإمام في "شرح أسماء الله الحسنى": اتفق الخائضون في تفسير أسمائه الحسنى على أن القوة ها هنا عبارة عن كمال القدرة، وعندي أن كمال حال الشيء في أن يؤثر يسمى قوة، وكمال حال الشيء ألا يقبل الأثر من الغير يسمى أيضًا قوة، فإن حملنا القوة في حق الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>