أي:{لَوْ شاءَ رَبُّنا} إرسال الرسل {لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ} معناه: فإذ أنتم بشر ولستم بملائكة؛ فإنا لا نؤمن بكم وبما جئتم به. وقولهم:{أُرْسِلْتُمْ بِهِ} بِهِ ليس بإقرار بالإرسال، وإنما هو على كلام الرسل، وفيه تهكم، كما قال فرعون:{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}[الشعراء: ٢٧]. روي: أنّ أبا جهل قال في ملأ من قريش: قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم لنا رجلًا عالمًا بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان عن أمره، فقال عتبة بن ربيعة: والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر، وعلمت من ذلك علمًا، وما يخفى علي. فأتاه، فقال: أنت يا محمد خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ فبم تشتم آلهتنا وتضللنا؟ ! فإن كنت تريد الرياسة: عقدنا لك اللواء فكنت رئيسنا، وإن تك بك الباءة: زوّجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش شئت، وإن كان بك المال: جمعنا لك ما تستغني به. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {حم} إلى قوله: "{مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ}[فصلت: ١ - ١٣]"، فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قريش، فلما احتبس عنهم قالوا: ما نرى عتبة إلا قد صبأ، فانطلقوا إليه، وقالوا: يا عتبة، ما حبسك عنا إلا أنك قد صبأت. فغضب، وأقسم لا
قوله:(عقدنا لك اللواء)، النهاية: وفي حديث عمر: "هلك أهل العقد"، يعني: أصحاب الولايات على الأمصار، هو من عقد الألوية للأمراء.
قوله:(الباءة)، الباءة فيها ثلاث لغات: الباء، والباه، بالهاء عراقي وهو أرذلها، والباءة. وفي الحديث: "يا معشر الشباب من خاف منكم الباءة فعليه بالصوم، فإنه لو وجاء".