للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاهل، فإياك والاغترار بمثل ذلك مما يوجد في كتب كثير من المؤرخين بالمشرق والأندلس، ولا يلتفت إلى قول تميم بن محمد التميمي: إنه كان إذا لقيه ابن ثلاثمائة سنة وخمس سنين، قال تميم واتصلت بنا وفاته ببلده في نحو سنة عشرين وثلاثمائة، وبالجملة فلا أصل له، وإنما ذكرناه للتنبيه عليه.

وقد عرفت بما ذكرناه التابعين الداخلين الأندلس، على أن التحقيق أنهم لم يبلغوا ذلك العدد، وإنما هم نحو خمسة أو أربعة كما ألمعنا به في غير هذا الموضع (١) ، والله تعالى أعلم.

١٣ - ومن الداخلين إلى الأندلس مغيث فاتح قرطبة، وقد تقدم بعض الكلام عليه، وذكر ابن حيان والحجاري أنه رومي، زاد الحجاري: وليس برومي على الحقيقة، وتصحيح نسبه أنه مغيث بن الحارث بن الحويرث ابن جبلة بن الأيهم الغساني، سبي من الروم بالمشرق وهو صغير، فأدبه عبد الملك بن مروان مع ولده الوليد، وأنجب في الولادة، وصار منه بنو مغيث الذين نجبوا في قرطبة، وسادوا وعظم بيتهم، وتفرعت دوحتهم، وكان منهم عبد الرحمن بن مغيث حاجب عبد الرحمن بن معاوية صاحب الأندلس وغيره.

ونشأ مغيث بدمشق، ودخل الأندلس مع طارق فاتحها، وجاز على ما في طريقها من البلاد إلى الشام، وقدمه طارق لفتح قرطبة ففتحها ووقع بينه وبين طارق ثم وقع بينه وبين موسى بن نصير سيد طارق، فرحل معهما إلى دمشق ثم عاد إلى ظافراً عليهما الأندلس، وأنسل بقرطبة البيت المذكور، وفي " المسهب " أنه فتح قرطبة في شوال سنة اثنين وتسعين، ثم فتح الكنيسة التي تحصن بها ملك قرطبة بعد حصار ثلاثة أشهر في محرم سنة ثلاث وتسعين، ولم يذكر له مولداً ولا وفاة.

وذكر الحجاري أنه تأدب بدمشق مع بني عبد الملك فأفصح بالعربية، وصار يقول من الشعر والنثر مايجوز كتبه، وتدرب على الركوب، وأخذ نفسه بالإقدام


(١) انظر ما تقدم ج: ١، ص: ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>