للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبلج وقد مات عمه كلثوم في ذلك الوقت، فأسرعوا إلى إجابته، وكانت أمنيتهم، فأحسن إليهم، وأسبغ النعم عليهم، وشرط عليهم أن يأخذ منهم رهائن، فإذا فرغوا له من البربر جهزهم (١) إلى إفريقية، وخرجوا له عن أندلسه، فرضوا بذلك، وعاهدوه عليه، فقدم عليهم وعلى جنده ابنيه قطناً وامية، والبربر في جموع لايحصيها غير رازقها، فاقتتلوا قتالاً صعب فيه المقام، إلى أن كانت الدائرة على البربر، فقتلتهم العرب بأقطار الأندلس حتى ألحقوا فلهم بالثغور، وخفوا عن العيون، فكر الشاميون وقد امتلأت أيديهم من الغنائم، فاشتدت شوكتهم، وثابت همتهم، وبطروا، ونسوا العهود، وطالبهم ابن قطن بالخروج عن الأندلس إلى الأندلس إلى إفريقية، فتعالوا عليه، وذكروا صنيعه بهم أيام انحصارهم في سبتة، وقتله الرجل الذي أغاثهم بالميرة، فخلعوه، وقدموا على أنفسهم أميرهم بلج بن بشر، وتبعه جند ابن قطن، وحملوا عليه في قتل ابن قطن، فأبى فثارت اليمانية وقالوا: قد حميت لمضرك، والله لا نطيعك، فلما خاف تفرق الكلمة أمر بابن قطن فأخرج إليهم وهو شيخ كبير كفرخ نعامةٍ قد حضر وقعة الحرّة مع أهل اليمامة، فجعلوا يسبونه، ويقولون له: أفلتّ من سيوفنا يوم الحرّة، ثم طالبتنا بتلك الترة فعرضتنا لأكل الكلاب والجلود وحبستنا بسبتة محبس الضنك حتى أمتّنا جوعاً، فقتلوه وصلبوه كما تقدم، وكان أمية وقطن ابناه عندما خلع قد هربا، وحشدا لطلب الثأر، واجتمع عليهما العرب الأقدمون والبربر، وصار معهم عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة ابن عقبة بن نافع الفهري كبير الجند، وكان في أصحاب بلج، فلما صنع بابن عمه عبد الملك ماصنع فارقه، فانحاز فيمن يطلب ثأره، وانضم إليهم عبد الرحمن بن علقمة اللخمي صاحب أربونة، وكان فارس الأندلس في وقته، فأقبلوا نحو بلج في مائة ألف أو يزيدون، وبلج قد استعد


(١) ق: همزمهم؛ وانظر أخبار مجموعة: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>