للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام والتقدم على المضرية، فاجتمعوا في شذونة، وآل الأمر إلى أن هزموا أبا الخطار على وادي لكة، وحصل أسيراً في أيديهم، فأرادوا قتله، ثم أرجأوه، وأوثقوه وأقبلوا به إلى قرطبة، وذلك في رجب سنة ١٢٧ بعد ولاية أبي الخطار بسنتين.

ولما سجن أبو الخطار في قرطبة امتعض له عبد الرحمن بن حسان الكلبي، فأقبل إلى قرطبة ليلاً في ثلاثين فارساً مهعم طائفة من الرجالة، فهجموا على الحبس وأخرجوه منه، ومضوا به إلى غرب الأندلس، فعاد في طلب سلطانه، ودبَّ في يمانيته حتى اجتمع له عسكر أقبل بهم إلى قرطبة، فخرج إليه ثوابة ومعه الصميل، فقام رجل من المضرية ليلاً فصاح بأعلى صوته: يا معشر اليمن، مالكم تتعرضون إلى الحرب وتردون المنايا عن أبي الخطار أليس قد قدرنا عليه لو أردنا قتله لفعلنا، لكننا مننا وعفونا وجعلنا الأمير منكم، أفلا تفكرون في أمركم، فلو ان الأمير من غيركم عذرتم، ولا والله لا نقول هذا رهبةً منكم ولا خوفاً لحربكم، ولكن تحرجاً من الدماء ورغبةً في عافية العامة، فتسامع الناس به، وقالوا: صدق، فتداعوا للرحيل ليلاً، فما أصبحوا إلا على أميال.

قال الرازي: ركب أبو الخطار البحر من ناحية تونس في المحرم سنة ١٢٥، وفي كتاب أبي الوليد ابن الفرضي: كان أبو الخطار أعرابياً عصبياً، أفرط في التعصب لليمانيين، وتحامل على مضر، واسخط قيساً، فثار به زعيمهم الصميل، فخلعه، ونصب مكانه ثوابة، وهاج بين الفريقين الحروب المشهورة، وخلع أبو الخطار بعد أربع سنين وتسعة أشهر، وذلك سنة ١٢٨، وآل أمره إلى أن قتله الصميل.

وولي الأندلس ثوابة بن سلامة الجذامي، قال ابن بشكوال: لما اتفقوا عليه خاطبوا بذلك عبد الرحمن بن حبيب صاحب القيروان، فكتب إليه بعهد الأندلس، وذلك سلخ رجب سنة ١٢٧، فضبط البلد، وقام بأمره كله

<<  <  ج: ص:  >  >>