للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع فروسيته شاعراً محسناً، وكان في أول ولايته قد أظهر العدل فدانت له الأندلس، إلى أن مالت به العصبية اليمانية على المضرية، فهاج الفتنة العمياء، وكان سبب هذه الفتنة أن أبا الخطار قد بلغ به التعصب لليمانية أن اختصم عنده رجل من قومه مع خصم له من كنانة كان أبلج حجةً من ابن عم أبي الخطار، فمال أبو الخطار مع ابن عمه، فأقبل الكناني إلى الصميل ابن حاتم الكلابي أحد سادات مضر، فشكا له حيف أبي الخطار، وكان أبياً للضيم حامياً للعشيرة، فدخل على أبي الخطار وأمض عتابه، فنجهه أبو الخطار وأغلظ له، فرد الصميل عليه، فأمر به أبو الخطار، فأقيم ودعّ قفاه حتى مالت عمامته، فلما خرج قال له بعض من على الباب: أبا جوشن، ما بال عمامتك مائلة فقال: إن كان لي قوم فسيقيمونها. وأقبل إلى داره، فاجتمع إليه قومه حين بلغهم ذلك ممتعضين، فباتوا عنده، فلما أظلم الليل قال: ما رأيكم فيما حدث علي فإنه منوط بكم فقالوا: أخبرنا بما تريد، فإن رأينا تبع رأيك، فقال: والله أريد إخراج هذا الأعرابي من هذا السلطان على ماخيلت، وأنا خارج لذلك عن قرطبة، فإنه ما يمكنني ما أريد إلا بالخروج، فإلى أين ترون أقصد فقالوا: اذهب حيث شئت، ولاتأت أبا عطاء القيسي، فإنه لا يواليك على أمر ينفعك، وكان أبو عطاء هذا سيداً مطاعاً يسكن بإستجة، وكان مشاحناً للصميل مسامياً له في القدر، فسكت عند ذكره أبو بكر ابن الطفيل العبدي، وكان من أشرافهم، إلا أنه كان حديث السن، فقال له الصميل: ألا تتكلم فقال: أتكلم بواحدة ماعندي غيرها، قال: وما هي قال: إن عدوت إتيان أبي عطاء وشتت أمرك به لم يتم أمرنا وهلكنا، وإن أنت قصدته لم ينظر في شيء مما سلف بينكما، وحركته الحمية لك، فأجابك إلى ما تريد، فقال له الصميل: اصبت الرأي، وخرج من ليلته، وقام أبو عطاء في نصرته على ما قدره العبدي، وعمد إلى ثوابة ابن يزيد الجذامي أحد أشراف اليمن وساداتهم، وكان ساكناً بمورور وقد استفسد إليه أبو الخطار، فأجابهما في

<<  <  ج: ص:  >  >>