للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن، وهو ذو ضفيرتين يملك الأندلس ويورثها عقبه، فاتخذ الفهري عند ذلك ضفيرتين أرسلهما رجاء أن تناله الرواية، فلما جيء بعبد الرحمن ونظر إلى ضفيرتيه قال لليهودي: ويحك، هذا هو، وأنا قاتله، فقال له اليهودي: إنك إن قتلته فما هو به، وإن غلبت عن تركه إنه لهو. وثقل فل بني أمية على ابن حبيب صاحب إفريقية، فطرد كثيراً منهم مخافةً، وتجنى على ابنين للوليد بن يزيد كانا قد استجارا به فقتلهما، وأخذ مالاً كان مع اسماعيل ابن أبان بن عبد العزيز ابن مروان، وغلبه على أخته فتزوجها بكرهه، وطلب عبد الرحمن فاستخفى، انتهى.

وذكر ابن عبد الحكم أن عبد الرحمن الداخل أقام ببرقة مستخفياً خمس سنين، وآل أمره في سفره إلى أن استجار ببني رستم ملوك تيهرت من المغرب الأوسط، وتقلب في قبائل البربر إلى أن استقر على البحر عند قومٍ من زنانة، وأخذ في تجهيز بدر مولاه إلى العبور للأندلس لموالي بني أمية وشيعتهم بها، وكانت الموالي المروانية المدونة بالأندلس في ذلك الأوان ما بين الأربعمائة والخمسمائة، ولهم جمرة، وكانت رياستهم إلى شخصين: أبي عثمان عبيد الله بن عثمان، وعبد الله بن خالد، وهما من موالي عثمان، رضي الله تعالى عنه، وكانا يتوليان لواء بني أمية يعتقبان حمله ورياسة جند الشام النازلين بكورة إلبيرة، فعبر بدر مولى عبد الرحمن إلى أبي عثمان بكتاب عبد الرحمن يذكره فيه أيادي سلفه من بني أمية وسببه بهم ويعرفه مكانه من السلطان وسعيه لنيله، إذ كان الأمر لجده هشام فهو حقيقٌ بوارثته، ويسأله القيام بشأنه وملاقاة من يثق به من الموالي الأموية وغيرهم، ويتلطف في إدخاله إلى الأندلس ليبليي عذراً في الظهور عليها، ويعده بإعلاء الدرجة، ولطف المنزلة، ويأمره أن يستعين في ذلك بمن يأمنه، ويرجو قيامه معه، ويأخذ فيه مع اليمانية ذوي الحنق على المضرية لما بين الحيين من التراث، فمشى أبو عثمان لما دعاه إليه، وبانت له فيه طماعية، وكان عند ورود بدر قد تجهزإلى ثغر سرقسطة لنصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>