للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبها الصميل بن حاتم وجه دولة يوسف بن عبد الرحمن صاحب الأندلس، فقال لصهره عبد الله بن خالد المذكور: لو كنا ذاكرنا الصميل خبر بدرٍ وما جاء به لنختبر ما عنده في موافقتنا، وكانا على ثقةٍ في أنه لايظهر على سرهما أحداً لمروءته وأنفته، فقال له: إن نحن فعلنا لم نأمن من أن تدركه الغيرة على سلطان يوسف لما هو عليه من شرف القدر وجلالة المنزلة فيتوقع سقوط رياسته فلا يساعدنا، قال أبو عثمان: فنمسح (١) إذاً على أمره، ونذكر له أنه قصد لإرادة الإيواء والأمان وطلب أخماس جده هشام لدينا ليتعيش بها، لا يريد غير ذلك، فاتفقا على هذا. فلما ودعا الصميل خلوا به في ذلك، وقد ظهر لهما منه حقدٌ على صاحبه يوسف في إبطائه عن إمداده لما حاربه الحباب الزهري بكورة سرقسطة، فقال لهما: أنا معكما فيما تحبان، فاكتبا إليه أن يعبر، فإذا حضر سألنا يوسف أن ينزله في جواره وأن يحسن له، ويزوجه بابنته، فإن فعل وإلا ضربنا صلعته بأسيفنا، وصرفنا الأمر عنه إليه، فشكراه وقبلا يده ثم ودعاه، وأقام بطليطلة وقد ولاه يوسف عليها وعزله عن الثغر، وانصرفا إلى وطنهما بإلبيرة، وقد كانا لقيا من كان معهما في العسكر من وجوه الناس وثقاتهم، فطارحاهم أمر ابن معاوية، ثم دسّا في الكور إلى ثقاتهما بمثل ذلك، فدب أمره فيهم دبيب النار في الجمر، وكانت سنة خلف بالأندلس بعد خروج من المجاعة التي دامت بالناس.

وفي رواية أن الصميل لان لهما في أن يطلب الأمر عبد الرحمن الداخل لنفسه ثم دبر ذلك لما انصرفا، فتراجع فيه، فردهما، وقال: إني روّيت في الأمر الذي أدرته معكما فوجدت الفتى الذي دعوتماني إليه من قومٍ لو بال أحدهم بهذه الجزيرة غرقنا نحن وأنتم في بوله، وهذا رجلٌ نتحكم عليه، ونميل على جوانبه، ولا يسعنا بدل منه، ووالله لو بلغتما بيوتكما ثم بدا لي فيما


(١) في المقتطفات: ننسخ؛ وفي ق: فتمسح.

<<  <  ج: ص:  >  >>