للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعنتوه. وحمل عنه في التألم بذلك كلامٌ رفع إلى ابن معاوية أصاب أعداء يوسف به السبيل إلى السعاية به والتخويف منه، فاشتد توحشه، فخرج إلى جهة ماردة، واجتمع إليه عشرون ألفاً من أهل الشتات، فغلظ أمره، وحدثته نفسه بلقاء ابن معاوية، فخرج نحوه من ماردة، وخرج ابن معاوية من قرطبة، فبينما ابن معاوية في حصن المدوّر مستعد (١) ، إذ التقى بيوسف عبد الملك بن عمر مروان صاحب إشبيلية، فكانت بينهما حرب شديدة انكشف عنهايوسف بعد بلاء عظيم منهزماً، واستحر القتل في أصحابه فهلك منهم خلق كثير، وسار يوسف لناحية طليطلة، فلقيه في قرية من قراها عبد الله بن عمرو الأنصاري، فلما عرفه قال لمن معه: هذا الفهري يفر، قد ضاقت عليه الأرض، وقتله الراحة له، والراحة (٢) منه، فقتله واحتز رأسه وقدم به إلى عبد الرحمن، فلما قرب وأوذن عبد الرحمن به أمره أن يتوقف به دون جسر قرطبة، وأمر بقتل ولده عبد الرحمن المحبوس عنده، وضم إلى رأسه، رأسه، ووضعنا على قناتين مشهرين إلى باب القصر.

وكان عبد الرحمن لما فر يوسف قد سجن وزيره الصميل لأنه قال له: أين توجه فقال: لا أعلم فقال: ماكان ليخرج حتى يعلمك، ومع ذلك فإن ولدك معه، وأكد عليه في أن يحضره، فقال: لو أنه تحت قدمي هذه ما رفعتها لك عنه، فاصنع ما شئت، فحينئذٍ أمر به للحبس وسجن معه ولدي يوسف أبا الأسود محمداً المعروف بعد بالأعمى وعبد الرحمن، فتهيأ لهما الهرب من نقب، فأما أبو الأسود فنجا سالماً، واضطرب في الأرض يبغي الفساد إلى أن هلك حتف أنفه، وأما عبد الرحمن فأثقله اللحم فانبهر، فرد إلى الحبس، حتى قتل كما تقدم، وأنف الصميل من الهرب فأقام بمكانه، فلما


(١) المقتطفات: مشتغل.
(٢) المقتطفات: راحة له وراحة ...

<<  <  ج: ص:  >  >>