للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الملوك مع الزمان كواكبٌ ... نجمٌ يطالعنا ونجمٌ آفل

والحزم كلّ الحزم أن لا يغفلوا ... أيروم تدبير البريِّة غافل

ويقول قومٌ سعده لا عقله ... خير السعادة ما حماها العاقل

أبني أميّة قد جبرنا صدعكم ... بالغرب رغماً والسعود قبائل

ما دام من نسلي إمامٌ قائمٌ ... فالملك فيكم ثابتٌ متواصل وحكى ابن حيان أن جماعةً من القادمين عليه من قبل الشام حدثوه يوماً في بعض مجالسهم عنده ما كان من الغمر بن يزيد بن عبد الملك أيام محنتهم، وكلامه لعبد الله بن علي بن عباس الساطي بهم، وقد حضروا رواقه وفيه وجوه المسودة من دعاة القوم وشيعتهم راداً على عبد الله فيما أراقه من دماء بني أمية، وثلبهم والبراءة منهم، فلم تردعه هيبته وعصف ريحه واحتفال جمعه عن معارضته والرد عليه بتفضيله لأهل بيته والذبّ عنهم، وأنه جاء في ذلك بكلام غاظ عبد الله وأغصه بريقه، وعاجل الغمر بالحتف، فمضى وخلف في الناس ما خلف من تلك المعارضة في ذلك المقام، وكثر القوم في تعظيم ذلك، فكأن الأمير عبد الرحمن احتقر ذلك الذي كان من الغمر في جنب ما كان منه في الذهاب بنفسه عن الإذعان لعدوهم، والأنف من طاعتهم، والسعي في اقتطاع قطعة من مملكة الإسلام عنه، وقام عن مجلسه، فصاغ هذه الأبيات بديهةً:

شتّان من قام ذا امتعاض ... فشال ما قلّ (١) واضمحلاّ

ومن غدا مصلتاً لعزمٍ ... مجرِّداً للعداة نصلا

فجاب قفراً وشقّ بحراً ... ولم يكن في الأنام كلاّ

فشاد ملكاً وشاد عزّاً ... ومنبراً للخطاب فصلا


(١) ق: فمر ما قال؛ وآثرنا رواية الحلة السيراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>