للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروح وهو وحده، وليس بيده من الحجابة سوى اسمها، وعوقب المصحفي بإعانته على ولاية هشام، وقتل المغيرة. ثم سخط السلطان على المصحفي وأولاده وأهله وأسبابه وأصحابه، وطولبوا بالأموال، وأخذوا برع الحساب لما تصرفوا فيه، وتوصل ابن أبي عامر بذلك إلى اجتثاث أصولهم وفروعهم، وكان هشام ابن أخي المصحفي قد توصل إلى أن سرق من رؤوس النصارى التي كانت تحمل بين يدي ابن أبي عامر في الغزاة الثالثة ليقدم بها على الحضرة، وغاظه ذلك منه، فبادره بالقتل في المطبق قبل عمه جعفر المصحفي، فلما استقصى ابن أبي عامر مال جعفر حتى باع داره بالرصافة (١) ، وكانت من أعظم قصور قرطبة، واستمرت النكبة عليه سنين (٢) مرة يحتبس ومرة يترك ومرة يقر بالحضرة ومرة ينفر عنها، ولا براح له (٣) من المطالبة بالمال، ولم يزل على هذا الحكم حتى استصفي، ولم يبق فيه محتمل، واعتقل في المطبق بالزهراء إلى أن هلك، وأخرج إلى أهله ميتاً، وذكر أنه سمه في ماء شربه، قال محمد بن إسماعيل: سرت مع محمد بن مسلمة إلى الزهراء لنسلم جسد جعفر ابن عثمان إلى أهله بأمر المنصور، وسرنا إلى منزله فكان مغطى بخلق كساء لبعض البوابين ألقاه على سريره، وغسل على فردة باب اختلع من ناحية الدار، وأخرج وما حضر جنازته سوى إمام مسجده المستدعى للصلاة عليه ومن حضر من ولده، فعجبت من الزمان، انتهى.

وما أحسن صاحب المطمح عن هذه القضية إذ قال (٤) : قال محمد بن إسماعيل كاتب المنصور: سرت بأمره لتسليم (٥) جسد جعفر إلى أهله وولده،


(١) كذا في ق والذخيرة؛ وجعله دوزي: " فلما قتل استصفى ابن عامر مال جعفر حتى باع ... إلخ ".
(٢) كذا في ق والذخيرة، وجعله دوزي: " سنتين ". وهو مستدرك في التعليقات لأن المصحفي أقام في الإذلال والتعذيب خمس سنين.
(٣) الذخيرة: ولا يراح.
(٤) المطمح: ٦.
(٥) ق: لتسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>