للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجافت بها عنّا الحوادث برهةً ... وأبدت لنا منها الطّلاقة والبشرا

ليالي ما يدري الزمان مكاننا ... ولا نظرت منها حوادثه شزرا

وما هذه الأيام إلاّ سحائبٌ ... على كلّ أرضٍ تمطر الخير والشرّا انتهى.

وأما غالب الناصري فإنه حضر مع ابن أبي عامر في بعض الغزوات، وصعد إلى بعض القلاع، لينظرا في أمرها، فجرت محاورة (١) بين ابن أبي عامر وغالب، فسبه غالب وقال له: ياكلب، أنت الذي أفسدت الدولة، وخربت القلاع، وتحكمت في الدولة، وسل سيفه فضربه، وكان بعض الناس حبس يده، فلم تتم الضربة وشجه، فألقى ابن أبي عامر نفسه من رأس القلعة خوفاً من أن يجهز عليه، فقضى الله تعالى أنه وجد شيئاً في الهوي منعه من الهلاك، فاحتمله أصحابه وعالجوه حتى برىء، ولحق غالب بالنصارى، فجيش بهم، وقابله ابن أبي عامر بمن معه من جيوش الإسلام، فحكمت الأقدار بهلاك غالب وتم لابن أبي عامر ما جد له، وتخلصت دولته من الشوائب.

قالوا (٢) : ولما وقعت وحشة بين ابن أبي عامر والمؤيد، وكان سببها تضريب الحساد فيما بينهما، وعلم أنه ما دهي إلا من جانب حاشية القصر، فرقهم ومزقهم، ولم يدع فيه منهم إلا من وثق به أو عجز عنه، ثم ذكر له أن الحرم (٣) قد انبسطت أيديهن في الأموال المختزنة بالقصر، وما كانت السيدة صبح أخت رائق تفعله من إخراج الأموال عندما حدث من تغيرها على ابن أبي عامر، وأنها أخرجت في بعض الأيام مائة كوز مختومة على أعناق الخدم الصقالبة فيها الذهب والفضة، وموهت ذلك كله بالمري (٤) والشهد وغيره


(١) محاورة: سقطت من ق.
(٢) عاد إلى تلخيص كلام ابن حيان الذي أورده صاحب الذخيرة ٤ / ١: ٥٢ - ٥٦.
(٣) ق ودوزي: الخدم.
(٤) في الذخيرة: بالمربى؛ والمري - بتشديد الراء - والعامة تخففها وباللاتينية: (Muria) أنواع من مستحضرات تتخذ في صنع الأطعمة منها المري النقيع والطيب ومري الخبز ومري الحوت وبعض أنواعه يصنع من عصير الخنب بالأفاويه دون خبز محرق، والعامة تصنعه من العسل المحرق والخبز المحرق وغيرهما. ويقول دوزي إنه مركب يصنع من الدقيق والملح والعسل والتمر وأشياء أخرى. ويقول ابن البيطار إن نوعا منه يعمل من السمك المالح واللحوم المالحة وينقل عن الجاحظ قوله " المري هو جوهر الطعام وروح البارد المستظرف والحار المستنظف ... " (انظر قاموس دوزي " مادة مري " ومفردات ابن البيطار ٤: ١٤٩ - ١٥٠ وكتاب الطبيخ: ٨٢ ومواضع أخرى منه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>