للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا دلالةً على قوة فطنته ومعرفته، رحمه الله تعالى.

رجع إلى أخبار السرخسي:

وقال في رحلته لما ذكر السيد أبا الربيع سليمان بن عبد الله أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي (١) ، وكان في تلك المدة يلي مدينة سجلماسة وأعمالها: اجتمعت به حين قدم إلى مراكش بعد وفاة المنصور يعقوب لمبايعة ولده محمد، فرأيته شيخاً بهي المنظر، حسن المخبر، فصيح العبارة باللغتين العربية والبربرية، ومن كلامه في جواب رسالة إلى ملك السودان بغانة ينكر عليه تعويق التجار قوله: نحن نتجاور بالإحسان، وإن تخالفنا في الأديان، ونتفق على السيرة المرضية، ونتألف على الرفق بالرعية، ومعلوم أن العدل من لوازم الملوك في حكم السياسة الفاضلة، والجور لا تعانيه إلا النفوس الشريرة الجاهلة، وقد بلغنا احتباس مساكين التجار ومنعهم من التصرف فيما هم بصدده، وتردد الجلابة إلى البلد مفيد لسكانها، ومعين على التمكن من استيطانها، ولو شئنا لاحتبسنا من في جهاتنا من أهل تلك الناحية لكنا لا نستصوب فعله، ولا ينبغي لنا أن ننهى عن خلق ونأتي مثله، والسلام.

ووقع إلى عامل له كثرت الشكاوى منه: قد كثرت فيك الأقوال، وإغضائي عنك رجاء أن تتيقظ فتنصلح الحال، وفي مبادرتي إلى ظهور الإنكار عليك نسبة إلى شر الاختيار وعدم الاختبار، فاحذر فإنك على شفا جرف هار.

ومن شعره المشهور قصيدة يمدح فيها ابن عمه المنصور يعقوب (٢) :


(١) أبو الربيع الموحدي سليمان بن عبد الله (- ٦٠٤) ، ولي بجاية، وشارك في بعض الأعمال الحربية ضد ابن غانية بتونس؛ وقال الشقندي فيه إنه من مفاخر بني عبد المؤمن، كان قديرا على النظم حافظا للآداب، وله ديوان شعر (انظر الغصون اليانعة: ١٣١ - ١٣٤) ويبدو أن قسما من هذا الشعر قد نحله إياه أحد كتابه (المعجب: ٣٧٨) .
(٢) هي في ديوانه ص ٢٠ (ومخطوطة الرباط من ديوانه: الورقة ١٥٧) قالها يهنئ الخليفة أبا يوسف بفتح قفصة سنة ٥٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>