للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل منكم من يقول منادماً لنديمه وقد باكر روضاً بمحبوب وكأس، فألفاه قد غطى محاسنه ضباب، فخاف أن يكسل نديمه عن الوصول إذا رأى ذلك، وهو أبو الحسن ابن بسام (١) :

ألا بادر فما ثانٍ سوى ما ... عهدت الكأس والبدر التمام

ولا تكسل برؤيته ضباباً ... تغصّ (٢) به الحديقة والمدام

فإن الرّوض ملثمٌ إلى أن ... توافيه فينحطّ اللثام وهل منكم من تغزل في غلام حائك بمثل قول الرصافي (٣) :

قالوا وقد أكثروا في حبّه عذلي ... لو لم تهم بمذال القدر مبتذل

قفلت: لو كان أمري في الصبابة لي ... لاخترت ذاك، ولكن ليس ذالك لي

علّقته حببيّ الثّغر عاطره ... حلو اللمى ساحر الأجفان والمقل

غزيّلٌ لم تزل في الغزل جائلةً ... بنانه جولان الفكر في الغزل

جذلان تلعب بالمحواك أنمله ... على السّدى لعب الأيّام بالأمل

ضمّاً بكفّيه أو فحصاً بأخمصه ... تخبّط الظبي في أشراك محتبل ومثل قوله في تغلب مسكة الظلام على خلوق الأصيل (٤) :

وعشيٍّ رائقٍ منظره ... قد قطعناه علىصرف الشّمول

وكأنّ الشّمس في أثنائه ... ألصقت بالأرض خدّاً للنزول

والصّبا ترفع أذيال الرّبى ... ومحيّا الجوّ كالنهر الصقيل

حبّذا منزلنا مغتبقاً ... حيث لا يطرقنا غير الهديل


(١) الأبيات في عنوان المرقصات: ٣٦.
(٢) ب م: تغض.
(٣) ديوان الرصافي: ١٢١.
(٤) ديوان الرصافي: ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>