للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها ماء ورد كان بين يديه، وقال:

علّقت جائلة الوشاح غريرة ... تختال بين أسنّة وبواتر وقال لبعض الخدم: سر إلى أبي الوليد البطليوسي المشهور بالنحلي وخذه بإجازة هذا البيت ولا تفارقه حتى يفرغ منه، فأجاب النحلي لأول وقوع الرقعة بين يديه:

راقت محاسنها ورقّ أديمها ... فتكاد تبصر باطناً من ظاهر

وتمايلت كالغصن في دعص النّقا ... تلتفّ في ورق الشباب الناضر

يندى بماء الورد مسبل شعرها ... كالطّلّ يسقط من جناح الطّائر

تزهى برونقها وعزّ جمالها ... زهو المؤيّد بالثناء العاطر

ملكٌ تضاءلت الملوك لقدره ... وعنا له صرف الزمان الجائر

وإذا لمحت جبينه ويمينه ... أبصرت بدراً فوق بحرٍ زاخر فلما قرأها المعتمد استحضره، وقال له: أحسنت، أو معنا كنت فقال له: يا قاتل المحل، أما تلوت " وأوحى ربّك إلى النّحل ".

وأصبح المعتمد يوماً ثملاً فدخل الحمام، وأمر أن يدخل النحليّ معه، فجاء وقعد في مسيح (١) الحمام حتى يستأذن عليه، فجعل المعتمد يحبق في الحمام وهو خالٍ وقد بقيت في رأسه بقية من السك، وجعل كل ما سمع دويّ ذلك الصوت يقول: الجوز، اللوز، القسطل، ومر على هذا ساعة، إلى أن تذكر النحلي، فصادفه (٢) ، فلما دخل قال له: من أي وقت أنت هنا قال: من أول ما رتب مولانا الفواكه في النصبة، فغشي عليه من الضحك، وأمر له بإحسان. والنصبة: مائدة يصبون فيها هذه الأصناف.


(١) ق: مسلخ.
(٢) ق م: فصادمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>