للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنظر إليه، هذا على اتساع عرضه، وبعد سطح مائه من أرضه، وقد توسط زورقه زوارق حاشيته توسط البدر للهالة، وأحاطت به إحاطة الطفاوة (١) بالغزالة، وقد أعدوا من مكايد الصيد ما استخرج ذخائر الماء، وأخاف حتى حوت السماء، وأهلة الهالات الطالعة من الموج في سحاب، وقانصة من بنات الماء كل طائرة كالشهاب، فلا ترى إلا صيوداً كقصد الصوارم، وقدود اللهاذم، ومعاصم الأبكار النواعم، فقال الوزير أبو الفضل ابن حسداي والطرب قد استهواه، وبديع ذلك المرأى قد استرق هواه:

لله يومٌ أنيقٌ واضح الغرر ... مفضّضٌ مذهب الآصال والبكر

كأنّما الدهر لمّا ساء أعتبنا ... فيه بعتب فأبدى صفح معتذر

نسير في زورقٍ حفّ السرور به ... من جانبيه بمنظومٍ ومنتثر

مدّ الشراع به قدّاً على ملكٍ ... بذّ الأوائل في أيامه الأخر

هو الإمام الهمام المستعين حوى ... علياء مؤتمنٍ في هدي مقتدر

تحوي السفينة منه آيةً عجباً ... بحرٌ تجمّع حتى صار في نهر

تثار من قعره النينان مصعدةً ... صيداً كما ظفر الغواص بالدرر

وللندامى به عبٌّ ومرتشفٌ ... كالريق يعذب في ورد وفي صدر

والشرب في ودّ مولى خلقه زهرٌ ... يذكو وبهجته أبهى من القمر ثم قال ما معناه (٢) : وقوله " نينان " غير معروف، فإن نوناً لم يجئ جمعها على نينان، وقد كان سيبويه لحن بشار بن برد في قوله في صفة السفينة:

تلاعب نينان البحور وربّما ... رأيت نفوس القوم من جريها تجري فغيره بشار ب " تيار البحور " وقد قال أبو الطيب يصف خيلاً:


(١) الطفاوة: دارة الشمس.
(٢) بدائع البدائه ٢: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>