للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفاعتي في مثله هذه ... فلا سقله هاطل المزن ودفع إليه الكتاب مختوماً، فسر به، وحمله إلى العامل، وسافر إليه أياماً، فلما دفعه إليه قرأه وضحك، ودفعه إلى من يشاركه في ذلك من أصحابه، فوعده بخير وأخرجه إلى شغل لم يرضه، فلما عاد منه قال له: أخرجتني لأرذل شغل وأخسه فما فائدة الشفاعة إذن فقال له: أوتريد أن أفعل معك ما تقتضيه شفاعة صاحبك قال: لا أقل من ذلك، قأمر من يأتيه بالأبيات، فقرئت عليه، فانصرف في أسوإ حال، فلما دخل غرناطة - وكان عبد المولى تزوج فيها امرأة اغتبط بها - تزيا هذا الرجل بزي أهل البادية، وزور كتاباً على لسان زوجة لعبد المولى في بلدة أخرى، وقال في الكتاب: وقد بلغني أنك تزوجت غيري، وأردت أن أكتب إليك في أن تطلقني، فوصلني كتابك تعرفني فيه أن الزوجة الجديدة لم توافق اختيارك، وأنك ناظر في طلاقها، فردني ذلك عما عزمت عليه، فانظر في تعجيل ما وعدت به من طلاقها، فإنك إن لم تفعل لم أبق معك أبداً، فلما مر بدار عبد المولى رأى جارية زوجته فقال لها: أنا رجل بدوي اتيت من عند فلانة زوجة أبي محمد عبد المولى، فعندما سمعت ذلك أعلمت ستها، وأخذت الكتاب، فوقفت على مافيه غير شاكة في صحته، فلما دخل عبد المولى وجدها على خلاف ما فارقها عليه، فسألها عن حالها، فقالت: أريد الطلاق، فقال: ماسبب هذا وأنا ارغب الناس فيك فألقت إليه الكتاب، فلما وقف عليه حلف لها أن هذا ليس بصحيح، وأن عدواً له اختلقه عليه، فلم يفد ذلك عندها شيئاً، ولم يطب له بعد ذلك معها عيش، فطلقها، وعلم أن ذلك الرجل هو الذي فعل ذلك، فقال له: لا جزاك الله خيراً، ولا أصلح لك حالاً! فقال: وأنت كذلك، فهذه بتلك، والبادي أظلم، فما كان ذنبي عندك حين كتبت في حقي ما كتبت فقال له: مثلك لا يقول " ماذنبي " أنت كلك ذنوب:

<<  <  ج: ص:  >  >>