للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٧ - وكان ابن الصابوني (١) في مجلس أحد الفضلاء بإشبيلية، فقدم فيما قدم خيار، فجعل أحد الأدباء يقشرها بسكين، فخطف ابن الصابوني السكينمن يده، فألح عليه في استرجاعها، فقال له ابن الصابوني: كف عني وإلا جرحتك بها، فقال له صاحب المنزل: اكفف عنه لءلا يجرحك ويكون جرحك جباراً، تعريضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم " جرح العجماء جبار "، فاغتاظ ابن الصابوني، وخرج من الاعتدال، وأخطأ بلسانه، وما كف إلا بعد الرغبة والتضرع.

ومن نظم ابن الصابوني (٢) :

بعثت بمرآةٍ إليك بديعةٍ ... فأطلع بسامي أفقها قمر السعد

لتنظر فيها حسن وجهك منصفاً ... وتعذرني فيما أكنّ من الوجد

فأرسل بذال الخدّ لحظك برهةً ... لتجني منه ما جناه من الورد

مثالك فيها منك أقرب ملمساً ... وأكثر إحساناً وأبقى على العهد وقوله في لابس أحمر (٣) :

أقبل في حلّةٍ مورّدةٍ ... كالبدر في حلّة من الشّفق

تحسبه كلّما أراق دمي ... يمسح في ثوبه ظبى الحدق ورحل إلى القاهرة والإسكندرية فلم يلتفت إليه، ولا عول عليه، وكان شديد الانحراف، فانقلب على عقبه يعض يديه، على ماجرى عليه، فمات عند إيابه إلى الإسكندرية كمداً، ولم يعرف له بالديار المصرية مقدار.


(١) هو أبو بكر محمد بن أحمد الصابوني شاعر إشبيلية في عصره، رحل إلى تونس ثم إلى القاهرة وتوفي سنة ٦٣٦ (القدح: ٦٩ والمغرب ١: ٢٣٦ والوافي ٢: ٩ والتحفة: ١٦١ والفوات ٢: ٢٠٩)
(٢) المغرب والقدح: ٧٢.
(٣) البيتان في القدح، وأكثر اعتماد المقري عليه في سائر أخبار ابن الصابوني.

<<  <  ج: ص:  >  >>