للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال: واجتمع بجنة بخارج إشبيلية مع إخوانٍ له علية، فبينما هم يديرون الراح، ويشربون من كأسها الأفراح، والجو صاح، إذا بالأفق قد غيم، وأرسل الديم، بعدما كسا الجو بمطارف اللاذ (١) ، وأشعر الغصون زهر قباذ (٢) ، والشمس منتقبة (٣) بالسحاب، والرعد يبكيها بالانتحاب، فقال (٤) :

يومٌ كأن سحابه ... لبست عمامات الصوامت

حجبت به شمس الضّحى ... بمثال أجنحة الفواخت

والغيث يبكي فقدها ... والبرق يضحك مثل شامت

والرعد يخطب مفصحاً ... والجوّ كالمخزون ساكت وخرج إلى تلك الخميلة والربيع قد نشر رداه، ونثر على معاطف الغصون نداه، فأقام بها وقال:

وخميلةٍ رقم الزّمان أديمها ... بمفضّضٍ ومقسّمٍ ومشوب

رشفت قبيل الصبح ريق غمامةٍ ... رشف المحب مراشف المحبوب

وطردت في أكنافها ملك الصّبا ... وقعدت واستوزرت كلّ أديب

وأدرت فيها اللهو حقّ مداره ... مع كلّ وضّاح الجبين حسيب (٥) ٤ - وقال الوزير الكاتب أبو حفص أحمد بن برد (٦) :

قلبي وقلبك لا محالة واحدٌ ... شهدت بذلك بيننا الألحاظ


(١) م: الرذاذ.
(٢) م: دهر قباذ.
(٣) ب: متنقبة.
(٤) مرت الأبيات ص: ٤٨٥.
(٥) ب والمطمح: مهوب.
(٦) المطمح: ٢٤ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>