للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعةً من كبده:

ولكنه صوب العقول إذا انبرت ... سحائب منه أعقبت بسحائب وقد استعمل الحريري هذا في مقاماته عندما يذكر طلوع الفجر، وهو من القدرة على الكلام، وأرى الخطيب ابن نباتة ممن لا يلحق في هذا الباب، فإنه أملى مجلدة معناها من أولها إلى آخرها: يأيها الناس اتقوا الله واحذروه فإنكم إليه راجعون، وهذا أمر بارع معجز، والناس يذهلون عن هذه النكتة فيه، انتهى كلام الصفدي ملخصاً.

وقال في الوافي، بعد ذكره جملةً من أحوال ابن زيدون، ما نصه: وقال بعض الأدباء: من لبس البياض، وتختم بالعقيق، وقرأ لأبي عمرو، وتفقه للشافعي، وروى شعر ابن زيدون، فقد استكمل الظرف. وكان يسمى بحتري المغرب لحسن ديباجة نظمه، وسهولة معانيه، انتهى.

رجع إلى كلام أهل الأندلس:

٤٠٨ - وكان الأديب المحدث أبو الربيع سليمان بن علي الشلبي الشهير بكثير (١) يهوى من يتجنى عليه ويقول: إنه أبرد من الثلج، فخاطبه كثير بقوله:

يا حبيباً له كلامٌ خلوب ... قلّبت في لظى هواه القلوب

كيف تعزو إلى محبّك برداً ... ومن الحبّ في حشاه لهيب

أنت شمسٌ وقلت إني ثلجٌ ... فلهذا إذا طلعت أذوب


(١) هناك من يترجم له ابن سعيد (في المغرب ١: ٣٩٨ والقدح: ١٨٩) باسم كثير العلياوي نسبة إلى العليا وهي من قرى شلب، وهو يقول فيه: أديب مشهور في عصرنا، كان بإشبيلية ورحل إلى بجاية فأكثر كلامه فيما لا يعنيه فضرب وجرس ونفي في البحر؛ ويقول إنه كان يتجنب مجالسته بإشبيلية لأنها تجلب مشارته لحدة فيه، ولا أقطع بأنه علي بن سليمان الشلبي هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>